مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

[التوحيد]

صفحة 5 - الجزء 1

[التوحيد]

  فأول ذلك توحيد الله سبحانه وتنزيهه، وتمجيده وتقديسه، وإعظامه، عن أن يُمثل أو يُشبه بأحد من خلقه وعباده، في جميع أقواله وصفاته، ولذلك قال الله ø في كتابه، وفيما وصف به نفسه متعرفا إلى عباده {قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ١ اللَّهُ الصَّمَدُ ٢ لَم يَلِد وَلَم يولَد ٣ وَلَم يَكُن لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ٤}⁣[الإخلاص: ١ - ٤]. والأحد فهو: الواحد الخالق في الوحدانية، الذي لا يوصف الله خلقه كلها بصفة، وذلك فهو الذي يعتقده في دينهم أهل الإيمان به والمعرفة، لا يُوصف سبحانه بطول ولا عرض، ولا يثمثل تعالى بشيء مما خلق في السموات والأرض، لأنه {لا تُدرِكُهُ الأَبصارُ وَهُوَ يُدرِكُ الأَبصارَ وَهُوَ اللَّطيفُ الخَبيرُ}⁣[الأنعام: ١٠٣].

  قال محمد بن القاسم ¥: ولا نقول في عجز درك الأبصار له، وامتناعها من رؤيته وإدراكه، بما قالت به الحشوية الجهلة العوام، إن ذلك لحجاب أو حجب من النور تحول بينهم وبين معاينته وستور، بى عنا تبارك وتعالى عن بلغة الأبصار من إدراكه ومعاينته، وذلك أن العجز - عجز المخلوقين - هو بعينه الحجاب عن درك الأبصار، لأن كل مخلوق من بريته من أهل أرضه وأهل سماواته، عن درك الأبصار له من أهل السموات والأرضين، بل هو رب العالمين، الذي عجز عن دركه أبصار مَن في السماوات والأرض، لأنه سبحانه لا يحد ولا يوصف بشيء من صفات المخلوقين، ولا ينعت ولا يحد سبحانه بسمة من سمات المخلوقين، ولا حد، لأن ما أدركت الأبصار، كان متناهيا محدودا له أقطار، وما كان متناهيا