(ومن سورة بني إسرائيل)
  ومما يُسئل عنه من قال: إنه لا يكون مستطيعاً للفعل إلا عند الفعل ونزوله: خبرونا عن رجل أعتق عبيداً له متى استطاع أن يعتقهم في حال هم فيها مماليك، أم في حال هم فيه أحرار؟!
  فإن زعموا أنه استطاع أن يعتقهم في حال هم فيها عبيد، فقد زعموا أن الاستطاعة قبل الفعل! لأن حال العبودية فيهم قبل حال العتق.
  فإن قالوا بذلك، فقد أنصفوا ورجعوا إلى الحق، وتركوا قولهم.
  وإن زعموا أنه استطاع أن يعتقهم وهم أحرار، فقد زعموا أن الناس يستطيعون عتق الأحرار، وهذا خروج من العقل والصواب.
(ومن سورة بني إسرائيل)
  قوله ø: {وَإِمّا تُعرِضَنَّ عَنهُمُ ابتِغاءَ رَحمَةٍ مِن رَبِّكَ تَرجوها}
  قال محمد بن القاسم بن إبراهيم ¥: الإعراض منه ÷ عنهم هو الاشتغال بذكر ربه وعبادته، في بعض الأوقات دونهم، فأمره إذا أعرض عن الاشتغال بهم، وخلا بنفسه من عبادة الله وذكره دونهم، أن يقول لهم قولاً ميسوراً، والميسور هاهنا: اليسر من القول، وهو القول الحسن اللطيف المقبول.
(ومن سورة مريم)
  قوله ø: {وَلَم أَكُن بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا}
  قال محمد بن القاسم بن إبراهيم ¥: يعني أي: لم أكن لما أعلم من رحمتك ورأفتك واستجابتك لمن دعا بما يعطيه عند الدعاء من مواهب نعمتك بأشقى خلقك في سعة رحمتك، بأن تجيبني من الإجابة عند دعوتك، تواضعاً من زكريا صلى الله عليه، وأنه لا يزكي نفسه، ولا يوجب لها الإجابة من الله إلا بإحسانه وفضله وامتنانه، وأنه لم يوجب على الله إجابته في دعائه، إلا