مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

(ومن سورة النحل)

صفحة 429 - الجزء 1

  عليهم حجارة من سجيل كما ذكر، فأهلكهم بها وطحنت الحجارة دورهم، وغيَّرت ما كان من حالهم، ثم قال سبحانه: {إِنَّ في ذلِكَ لَآيَةً لِلمُؤمِنينَ} فأخبر أن ما كان من فعله ø بهم وإمطاره الحجارة عليهم آيات المتوسمين، والمتوسمون: فهم ذوو العقول والفكر والتمييز، لأن العرب تسمي المتوسَّم ما تُفكر فيه وتُبين وعُرف، فتقول: توسمت فيه الخير، وتقول: توسمت فيه الشر، فقال ø إن فيما فعلت بهؤلاء المبطلين لآيات لمن عقل وفكر وميز من المتوسمين الناظرين، ثم قال: {وَإِنَّها لَبِسَبيلٍ مُقيمٍ} والسبيل: فهو الطريق وهي قرية على طريق الشام، يختلف الناس عليها من الشام إلى الحرمين، ويرون فيها من آثار عقوبة الله سبحانه وما نزل بها من الخراب والدمار.

  فحذر الله سبحانه مشركي قريش مَن قد رأى تلك الدار واختلف عليها، ما نزل بأهل البلد وبها عند عصيانهم الله سبحانه.

  ثم قال: {إِنَّ في ذلِكَ لَآيَةً لِلمُؤمِنينَ} معنى {آيَةً لِلمُؤمِنينَ}، أي: عبرة وتحذيراً للمؤمنين، لأن أهل الإيمان لهم قلوب خاشعة، ونفوس إلى الله مقبلة، فذكر الله ø أنهم يعتبرون بها، ويتفكرون فيما نزل بأهلها.

(ومن سورة النحل)

  قوله ø: {الَّذينَ تَتَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ ظالِمي أَنفُسِهِم فَأَلقَوُا السَّلَمَ ما كُنّا نَعمَلُ مِن سوءٍ}.

  قال محمد بن القاسم بن إبراهيم ¥: هذا ومثله وما كان نظيراً له من جحد الظالمين المستبينين لظلمهم، وإساءتهم في الدنيا، عند معاينة الملائكة ووفاتهم وفي الآخرة، إنما هو عند عظيم ما يعاينون وحل بهم ويطلعون عليه، مما أعد الله من العقوبة لهم، فيطيش منهم عند ذلك الروع والأحلام، ويختلط