باب الصبر
  عَلِمنا عَلَيهِ مِن سوءٍ}[يوسف: ٥١]، وقال في صرف المعصية عنه قال: {إِنَّهُ مِن كَيدِكُنَّ إِنَّ كَيدَكُنَّ عَظيمٌ}[يوسف: ٢٨]، فكان ذلك منًّا من الله عليه حين ذكر وخاف مقامه، وتمكن الحياء منه، فقال: {قالَ رَبِّ السِّجنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمّا يَدعونَني إِلَيهِ وَإِلّا تَصرِف عَنّي كَيدَهُنَّ أَصبُ إِلَيهِنَّ وَأَكُن مِنَ الجاهِلينَ}[يوسف: ٣٣]، فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن، وقال جل وعز: {كَذلِكَ لِنَصرِفَ عَنهُ السّوءَ وَالفَحشاءَ إِنَّهُ مِن عِبادِنَا المُخلَصينَ}[يوسف: ٢٤]. وهكذا ضمن الله سبحانه لمن اعتصم بحبله، وراقبه وخاف مقامه، واستحيا منه، بقوله: {وَلَو أَنَّهُم فَعَلوا ما يوعَظونَ بِهِ لَكانَ خَيرًا لَهُم وَأَشَدَّ تَثبيتًا ٦٦ وَإِذًا لَآتَيناهُم مِن لَدُنّا أَجرًا عَظيمًا ٦٧ وَلَهَدَيناهُم صِراطًا مُستَقيمًا ٦٨}[النساء: ٦٦ - ٦٨]. فضمن تبارك وتعالى العصمة والهداية لمن تمسك بطاعته، وخاف مقامه، وعظَّم أمره، ولم يستخف بعذابه، والله منجز وعده، وغير مخلف وعيده.
  وكان يوسف # ممن استحق ذلك لتمسكه بالطاعة، وكان بذلك من أهل العصمة والتوفيق.
  وقال ابن عمر: عن النبي صلى الله عليه أنه «كان رجل في بني إسرائيل يقال له: كفل، لا ينزع لله عن محرم، فراود امرأة على نفسها وأعطاها ستين دينارا، فلما قعد منها مقعد الرجل من أهله، ارتعدت، فقال لها كفل: ما لك أكرهتك على شيء؟! قالت: لا، ولكن هذا عمل ما عملته قط، وإنما عملته من الحاجة، فقام كفل عنها وقال: يعطي الله عهدا لا يعصي الله بعده