مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

[الرجاء]

صفحة 32 - الجزء 1

  برهما، وتوكيدا على الولد فيهما: {وَإِن جاهَداكَ عَلى أَن تُشرِكَ بي ما لَيسَ لَكَ بِهِ عِلمٌ فَلا تُطِعهُما وَصاحِبهُما فِي الدُّنيا مَعروفًا}⁣[لقمان: ١٥].

  وعلى المؤمن اجتناب كل ما يعلم أنه لله معصية، فلا يقربه، فإن الله تعالى قد نهى عن كبير الذنوب وصغيرها، فقال: {إِن تَجتَنِبوا كَبائِرَ ما تُنهَونَ عَنهُ نُكَفِّر عَنكُم سَيِّئَاتِكُم وَنُدخِلكُم مُدخَلًا كَريمًا}⁣[النساء: ٣١]. فليتق الله كل عبد أراد من المؤمنين النجاة عند الله، فلا يُرى على معصية الله، ولا يركبها متأولا، وقد جعل الله له السبيل إلى تركها، وعرَّفه إياها، وفي ذلك ما يقول تبارك وتعالى: {وَنَفسٍ وَما سَوّاها ٧ فَأَلهَمَها فُجورَها وَتَقواها ٨}⁣[الشمس: ٧ - ٨]. يعني سبحانه بقوله: {فَأَلهَمَها}: عرَّفها فجورها وتقواها.

  فليس عالم ولا جاهل من البالغين يعمل منكراً، ولا يأتي معصية ولا يفعل شرا، إلا ونفسه تنكره، وهي ملهمةٌ معرفةَ الشر إذا فعلته، ومعرفة التقوى والعلم الصالح إذا عملته.

  فليكن العبد المؤمن أبدا متيقظا، متنبها لنفسه في العمل بطاعة الله واجتناب معصيته، قال الله سبحانه: {إِنَّ الَّذينَ اتَّقَوا إِذا مَسَّهُم طائِفٌ مِنَ الشَّيطانِ تَذَكَّروا فَإِذا هُم مُبصِرونَ}⁣[الأعراف: ٢٠١]. يعني: تائبون، ولم يقل: فإذا هم مصرون.

[الرجاء]

  وينبغي للمؤمن أن يكون أبدا متيقظا متحفظا راجيا خائفا، يرجو الله لما هو عليه من الإحسان، ولما يكون من ذلك، رجاء لا قنوط فيه، ويخافه على الإساءة الموبقة إن فعله، خوفا لا طمع فيه إلا بتوبة منها، والخوف والرجاء أبدا قريناه لا يفارقانه، وبذلك وصف الله جل ثناؤه المتقين من خلقه وعباده،