مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

[تكاثر ولد إسماعيل]

صفحة 386 - الجزء 1

  الدعوة، وقال الله مخبرا في كتابه عن دعاء إبراهيم خليله لذرية إسماعيل ابنه: {وَإِذ يَرفَعُ إِبراهيمُ القَواعِدَ مِنَ البَيتِ وَإِسماعيلُ رَبَّنا تَقَبَّل مِنّا إِنَّكَ أَنتَ السَّميعُ العَليمُ ١٢٧ رَبَّنا وَاجعَلنا مُسلِمَينِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسلِمَةً لَكَ ...}⁣[البقرة: ١٢٧ - ١٢٨] إلى آخر الآية.

  ووضع إبراهيم أعلام الحرم، وشرف الله إسماعيل بمكة حتى انتشر في البلاد خبره، وعظم شرفه وقدره، بما أظهر بأبيه وبه بمكة من أعلام النبوة، وما ظهر بهما وعلى أيديهما من البراهين البينة، وبالحج واستجابة الناس لإبراهيم إذ أذن بالحج إليه، وألبس الله البيت الهيبة والعظمة عند كل مَن قَدِمَ ووفد عليه، وجعل الحرام أمنا لا يخاف أحد فيه، فأمنت الوحوش النافرة حواليه، مع آيات بينات قد ذكرها الله في القرءان وبَيَّنها في تنزيله بأحسن البيان.

[تكاثر ولد إسماعيل]

  فلبث ولد إسماعيل بمكة وحواليها وفي بواديها، حتى ضاقت بهم لكثرتهم بوادي الحجاز، وزحم بعضهم بعضا، وكلما عزت قبيلة زحمت ودفعت عنها الأخرى، وانتشروا في البوادي والبراري حتى بلغوا في البوادي ما أشرف على العجم العراق، وبلغوا من ناحية الشام ومصر واليمن، وأقصى ما يتصل بهذه البلدان من البوادي والبراري، وصلحت مكة لخيارهم وأشرافهم، ولآبائهم وأبنائهم من قريش وبني كنانة.

  فلم يزالوا كذلك حتى أخرج الله النبي محمدا ÷، وجاء على يده بما جاء به من النبوة والدين والخير والهدى.

  ونشر الله ولد إسحاق # بالشامن فكانوا بالبوادي بالشام لا في القرى أصحاب ماشية وسير وسياحة في طلب ما يصلح مواشيهم من الرعاء، فأخرج الله منهم من أخرج وذكر في بني إسحاق من الأنبياء، فلم تزل