مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

[الملائكة]

صفحة 96 - الجزء 1

  بل الله الممسك للجميع، يُحدث فيهما سكونا بعد سكون، كما قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يُمسِكُ السَّماواتِ وَالأَرضَ أَن تَزولا ...}⁣[فاطر: ٤١] إلى آخر الآية، وقال سبحانه: {وَأَلقى فِي الأَرضِ رَواسِيَ أَن تَميدَ بِكُم}⁣[النحل: ١٥]، فعلَّمنا أنها على غير شيء، ثم قال: {وَلَئِن زالَتا إِن أَمسَكَهُما مِن أَحَدٍ مِن بَعدِهِ}⁣[فاطر: ٤١]، فعلّمنا إنما تحتهما ليس بشيء يمنع أن لو ترك إمساكهما، فدلنا على قدرته وسعة ملكه، فسبحانه وتعالى، وله الحمد على ما أولى.

[الملائكة]

  وأنزل الله الملائكة $ السماء مصلحة لهم، وأنزل الإنس الأرض عبيدا مأمورين مكلفين منهيين، كل واحد نزل فيما عَلِم الله سبحانه أنه أصلح له، لأنه الخبير البصير بعباده وبمصلحة خلقه، خلق الجميع، ليعرضهم للمحل الرفيع، فمن أطاع سلم، ومن عصاه ندم، فأفضلهم أكثرهم علما وعملا، لقول الله سبحانه في الملائكة: {لا يَعصونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُم وَيَفعَلونَ ما يُؤمَرونَ}⁣[التحريم: ٦]، وقوله سبحانه: {يُسَبِّحونَ اللَّيلَ وَالنَّهارَ لا يَفتُرونَ}⁣[الأنبياء: ٢٠]، ومن لم يفتر من الطاعة كان أعظم في المنزلة، ومن لمن يعص الله كان أعلى درجة، فهو أفضل خلق الله، ولذلك خصهم لرسالته من الإنس والجن، وأكرمهم بذكره، فقال: {لَن يَستَنكِفَ المَسيحُ أَن يَكونَ عَبدًا لِلَّهِ وَلَا المَلائِكَةُ المُقَرَّبونَ}⁣[النساء: ١٧٢]، والمشبَّه به في لغة العرب هو الأفضل، والملائكة أفضل من جميع الأنبياء، والأنبياء أفضل من سائر الناس، ولذلك خصهم الله برسالته، فقال سبحانه: {وَلَقَدِ اختَرناهُم عَلى عِلمٍ عَلَى العالَمينَ}⁣[الدخان: ٣٢]، فيجب أن يُؤمن