أصول الأحكام الجامع لأدلة الحلال والحرام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

[الاستدلال على وجوب الترتيب بين أعضاء الوضوء]

صفحة 109 - الجزء 1

  يحفظ، قال الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}⁣[البقرة: ١٥٨] والصفا قبل المروة⁣(⁣١).

  لنا: هذا دليل على وجوب الترتيب، وأن الفاء والواو للتعقيب، والخبر الأول أنه ÷ توضأ مرة مرة، وقال: «هذا وضوء لا يقبل الله تعالى الصلاة إلا به».

  فإن قيل: فما حجتكم أنه غسل اليمنى قبل اليسرى؟ قلنا: لأنه لو غسل اليسرى قبل اليمنى لما أجزى غسل اليمنى قبل اليسرى، لقوله: «هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به»، وهذا ينقض مذهب مخالفنا، فإن قيل الواو عند أهل اللغة لا توجب الترتيب. قلنا: قد قال النبي ÷: «ابدأ بما بدأ الله به» مطلقاً.

  ١١٤ - خبر: وروي عن ابن عباس أنه قيل له: كيف تأمر بالعمرة قبل الحج، والله يقول: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}⁣[البقرة: ١٩٦]؟ فقال: كيف تقرأون الدَّين قَبْلَ الوَصِيَّة، أم الوصية قبل الدَّين؟ قالوا: الوصية قبل الدين. قال: فبأيهما تبدأون؟ قالوا: بالدين. قال: فهو ذلك. فدل هذا من سؤالهم أنهم قد عرفوا الترتيب.

  ١١٥ - خبر: وروي أيضاً عن ابن عباس أن رجلا قال بين يديه: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوي، فنهاه عن ذلك، وقال: قل ومن يعصي الله ورسوله فقد غوي. فلولا أن الواو يوجب الترتيب ما نهاه عن ذلك⁣(⁣٢).


(١) أخرجه ابن أبي شيبة، وأورده المؤيد بالله في شرح التجريد (خ) حكاية عنه.

(٢) سقط من (ب).