من كتاب الحدود
  دلَّ على أنه لا تقطع [اليد] إلا بشهادة شاهدين، أو بإقراره مرتين، أما قطعه بشهادة شاهدين فلا خلاف فيه، واختلفوا في إقراره فعندنا لا يقطع إلا بإقراره مرتين، وبه قال أبو يوسف، وذهب أبو حنيفة، وأصحابه، ومحمد، والشافعي: إلى أنه يقطع بإقراره مرة واحدة، وحكي عن أبي يوسف الرجوع إلى قول أبي حنيفة، والأصل ما قدمنا.
  فإن قيل: روي عن أبي هريرة: أنه أُتي رسول الله ÷ بسارق، وقالوا: يا رسول الله، إن هذا سرق، فقال: «ما إخاله سرق» فقال السارق: بلى يا رسول الله، فقال: «اذهبوا به فاقطعوه» فقطعه بإقراره مرة واحدة(١).
  قلنا: يحتمل أن يكون الراوي ذكر قطع يد السارق، ولم يذكر إقراره مرتين، والأقرب أنه حديث واحد، وفيهما أن رسول الله ÷ قال: «ما إخاله سرق»، وأنه ÷ قال له: «تب إلى الله»، قال: أنا تائب إلى الله، وأنه ÷ دعا له بقبول التوبة(٢)، وعلى هذا يتأول ما روي أن رجلاً جاء إلى النبي ÷ فقال: يا رسول الله صلى الله عليك إني سرقت جملاً لبنى فلان، فأرسل إليهم رسول الله ÷ فقالوا: إنا فقدنا جملاً، فأمر به فقطعت يده(٣).
(١) أخرجه الإمام المؤيد بالله # في شرح التجريد (خ) والبيهقي: ٨/ ٢٧١، وفي المستدرك على الصحيحين: ٤/ ٤٢٢.
(٢) أخرجه الإمام المؤيد بالله # في شرح التجريد (خ) والبيهقي في سننه الكبرى: ٨/ ٢٧١، وورد في المستدرك على الصحيحين: ٤/ ٤٢٢.
(٣) شرح التجريد للإمام المؤيد بالله (خ)، شرح معاني الآثار: ج ٣/ ١٦٨، برقم (٤٩٨٧).