مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

باب معرفة الأصل الثامن في معرفة البر والفجور وما فيه رضا الله تعالى

صفحة 118 - الجزء 1

باب معرفة الأصل الثامن في معرفة البر والفجور وما فيه رضا الله تعالى

  اعلم - رحمك الله - أن المخالفين لنا من النواصب والروافض وغيرهم من اليهود والنصارى، قد شاركونا في ثلاثة أشياء: في العمل، والاعتقاد، والقول. وقد زدنا عليهم بالإصابة للحق والاجتهاد، وهذه الأربع دعائم الإيمان.

  والإصابة هي: المصاب للحق للمراد المطلوب، الذي يستحق أن يطاع فيعمل له، ويقال بفضله، ويعتقد بالقلب حقه، وهو معرفة الرب ø، وما يجب أن يعرف مما قدمناه في كتابنا، فصارت أعمالنا واعتقادنا صوابا، لأنها على أصول صحيحة، وصارت أعمال اليهود والنصارى والنواصب والروافض باطلا، لأن المراد الذي يُستحق ويقال ويعمل ل هـ ليس يعرفونه، وهذه المقدمات التي وصفناها من الإيمان بالله بعد معرفته، ومعرفة ملائكته وكتبه ورسله، والأئمة الخلفاء لرسله، وأمره ونهيه في رضاه وسخطه، فتعلم بالعقل والسمع في كتاب الله وسنة نبيه وإجماع الأمة.

  فأما العقل فكل حَسَن فَأْتِه، وكل قبيح فدعه.

  وأما الكتاب والسنة وإجماع الأمة فمشهور، فيه البر والفجور، فمن تعلق بالبر كان بارا وليا من أولياء الله، ومن تعلق بالفجور كان فاجرا عند الله، تَبيَّنْ ذلك تجدْه كما وصفت لك.

  والعلم بأولياء الله وأعداء الله على ضربين، فمنه ما يعلمه العامة والخاصة، وهو ظاهر في الجملة، ومنه ما يعلمه الخاصة وهم العلماء، ولا يلزم العامة إلا ما ظهر، وكل من ظهر بره وفضله كان وليا، وكل من ظهر فسقه وشره كان عدوا، ومن استتر أمره، وغاب عنك حاله، وشككت في أمره، فاحمله على ظاهر أمره، فمن كان ظاهره ظاهر الإسلام فهو مسلم، ومن