مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

باب الأصل السابع في الإمامة

صفحة 117 - الجزء 1

  ومكانا أمينا، قدَّم الرحلة وآثر الطَّلِبة، ولم تغلب عليه الإساءة، ولم يرض لنفسه بِلَيتَ وعسى، فإن الله تعالى قد ضمن لأوليائه المعونة، فقال: {وَمَن يُؤمِن بِاللَّهِ يَهدِ قَلبَهُ}⁣[التغابن: ١١]، و {يَشرَح صَدرَهُ}⁣[الأنعام: ١٢٥].

  فمن أراد ما عند الله آثر رضا الله، فانظر - أدام الله عزك - فإنك تبلغ ما أحببت من ذلك، فإن جمعنا الله وإياك فذلك المراد، ومعه إن شاء الله يظهر ما علمنا بطلب ما عنده، ونودع من دينه ما أودعناه، ونجتهد في ذلك. فإن النبي ÷ يقول: «يحمل هذا العلم من كل خلف عُدُولهُ، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين»، ويقول ÷: «نضر الله امرأ سمع مقالنا فوعاه، ثم أداه إلى من لا يسمع».

  قال الله سبحانه: {لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ}⁣[الأنعام: ١٩]، وقال: {فَلَولا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرقَةٍ مِنهُم طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهوا فِي الدّينِ وَلِيُنذِروا قَومَهُم إِذا رَجَعوا إِلَيهِم لَعَلَّهُم يَحذَرونَ}⁣[التوبة: ١٢٢]، فإن يَجمع الله فسَيُسَرّ كلٌ بكل، وإن تكن الأخرى فعقولكم - والحمد لله - صحيحة، وكتاب الله وسنة نبيكم، والله بعد ذلك معكم. وهذه جمل في الإمامة تغني وبالله التوفيق، ومنه الهداية وهو حسبنا ونعم الوكيل.