مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

باب الشوق وهو أول شعب الصبر

صفحة 149 - الجزء 1

باب الشوق وهو أول شعب الصبر

  والشوق على وجهين:

  شوق طاعة الله.

  وشوق إلى ثواب الله.

  وشوق إلى التخبيت إلى الله بطاعته، من طريق الحب لما أحب الله، وأنه ليستحق أن يحبه العباد ويحبوا طاعته، وإكراما وتبجيلا وتعظيما له، وإيجاب ذلك على النفس ولو لم يكن الثواب ولا مخافة من العقاب، لكان [أهلا لذلك] لما يستحق الموسر لعظيم النعم التي لا تحصى، وإن أعطاه الثواب أحب ذلك وعَبَدَه، ولو لم يكن ذلك لكان أهلا للحمد والشكر والعبادة.

  ومتى أحب العبدُ الله على الحقيقة أحبَّ ما أحب الله ما بقي أو فني، أو غير ذلك من الشدة والرخاء، لعمله بأن الخيرة فيما يختار من جميع ذلك، فإن اختار له البقاء في الدنيا أحب ذلك، وإن اختار له الفناء أحب ذلك.

  وكذلك في ساير الأشياء بتقديمه وحسن نظره لعباده، ويقينا بقوله: {وَرَبُّكَ يَخلُقُ ما يَشاءُ وَيَختارُ ما كانَ لَهُمُ الخِيَرَةُ}⁣[القصص: ٦٨]، وهو عند ذلك مسلِّمٌ راض لكل ما اختاره الله ورضيه من شدة أو رخاء، أو عافية أو بلاء، فالمحب لله المؤثر لمحبته قائم لله على نفسه في سره وجهره، لئلا يطلع الله منه على غير ما يحب أيام حياته، فيكون كما روي في حديث ابن عمر وأبي هريرة عن حبريل # سأل النبي صلى الله عليه وآله فقال: «يا