باب الإيمان
  لذلك سائر بدنه، فتظهر الطاعة والخشية لربه على سائر جوارحه، فمثله كمثل السراج في البيت في مشكاة في زجاجة فمثله وهو القنديل المعلق بالسلسلة كما قال مجاهد: «المشكاة: حدايد القناديل التي تعلق بها»، وقال ابن عباس: «المشكاة: الكوة التي يوضع فيها القنديل بالخشبة»، ومثل الدهن في صفائه الذي لا تقوم النار إلا به، ولكثرته وجودته وصفائه، ولا يبين لها ضوء إلا باجتماع ذلك، مثل النية التي لا تصح جميع الأعمال إلا فيها، ونورها عند الله على قدر شدة العزم وضعفه.
  فهذا مثل، نور الإرادة مثل نور المصباح، ومثل نور الهمة مثل الزجاجة لصفائها، ومثل نور النية وهو مدى العلم الذي يكون به الاعتقاد مثل نور الزيت ومدده في صفائه، قال الله جل ثناؤه: {يَكادُ زَيتُها يُضيءُ وَلَو لَم تَمسَسهُ نارٌ نورٌ عَلى نورٍ يَهدِي اللَّهُ لِنورِهِ مَن يَشاءُ وَيَضرِبُ اللَّهُ الأَمثالَ لِلنّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيءٍ عَليمٌ}، فهذا ذكر ثلاثة الأبواب التي ضربها الله لعباده في كتابه، لقلوب المؤمنين في صفائها، ثم جعل قلوب أعدائه والمعرضين عنه على خلاف ذلك، فقال: {أَو كَظُلُماتٍ في بَحرٍ لُجِّيٍّ يَغشاهُ مَوجٌ مِن فَوقِهِ مَوجٌ مِن فَوقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعضُها فَوقَ بَعضٍ إِذا أَخرَجَ يَدَهُ لَم يَكَد يَراها}[النور: ٤٠]، فهكذا صفه قلوب العاصين من عباده، قد صارت في الظُّلَم لرين الذنوب على القلوب، وتراكم القسوة عليها، لاستسلامهم إلى قبول ما يلقي إليهم عدوهم، وإيثارهم الانقطاع إليه بالقبول