مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

باب خطر الطاعة كيف عرفها الشيطان فعارضها

صفحة 186 - الجزء 1

  قد مُكِّن من معرفة ما يهوى العبد، وإن قبل منه كان دعاؤه له على قدر ما يعرف من هواه، وإن قبل عن ربه انصرف عنه وخلاه، كما قال الله جل ذكره: {إِنَّ عِبادي لَيسَ لَكَ عَلَيهِم سُلطانٌ إِلّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الغاوينَ}⁣[الحجر: ٤٢]، ولذلك نهى الله العبد عن اتباع الهوى، فقال لداود #: {وَلا تَتَّبِعِ الهَوى فَيُضِلَّكَ عَن سَبيلِ اللَّهِ}⁣[ص: ٢٦].

  قال أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: «أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى، وطول الأمل».

  وقال علي بن أبي طالب ¥: «أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى، وطول الأمل، فأما اتباع الهوى فإنه يصد عن الحق، وأما طول الأمل فإنه ينسي الآخرة»، نعوذ بالله من الشيطان واتباع الهوى إنه لطيف رحيم.

  ثم رجع الكلام إلى المراقبة في السر والعلانية عند خطرات القلوب، فعبدوا الله كأنهم يرونه بحقائق الإيمان واليقين، بأنه يراهم ولا يخفى عليه سرهم وجهرهم وحركاتهم وسكونهم، ولا تخفى عليه أمكنتهم حتى كأنهم يعاينون ثوابه وعقابه، كما قال حارثة: «وكأني أنظر إلى أهل الجنة في الجنة يتزاورون،