باب الإيمان
  يكرهون أن ينتقلوا من العمران إلى الخراب، فعلى قدر عمارة الآخرة يعمل العاملون في خراب الدنيا.
  قال رجل لعلي بن أبي طالب # وقد دخل منزله: يا أمير المؤمنين ما أرى في منزلك شيئا، قال: «يا أعرابي إن لنا دارا غير هذه قد حولنا جل متاعنا إليه».
  وذكر أن سلمان رحمة الله عليه بكى عند الموت، قيل له: ما يبكيك؟ قال: ما ترون هذه الأشياء ودخولي فيها، وقد عهد إلينا النبي ÷ «أن يكون زاد أحدكم من الدنيا مثل زاد الراكب». فالعاملون لله يرون أن كلما خلفوه في دار الخراب فقد خسروه، وكلما قدموه فقد ربحوه، فلما قصرت آمالهم راقبوا الموت وبادروا بالجد والاجتهاد، فكانوا من الذين قال الله: {أُولئِكَ يُسارِعونَ فِي الخَيراتِ وَهُم لَها سابِقونَ}[المؤمنون: ٦١].
  وقيل لعامر بن عبد الله وكان مجتهدا: إن الجنة تنال بدون هذا، فقال: «والله لأجتهدن ثم لأجتهدن فإن نجوت فبرحمة الله، وإن لا يكن الأخرى لم أرجع إلا على نفسي فأقول: ردني أعمل غير الذي كنت أعمل».
  وقال إبراهيم التيمي: «لو فارق ذكر الموت قلبي لفسد على قلبي».
  وقال سميط بن عجلان: «لو نزل عذاب الله من السماء ما قدرت أن أزيد في عملي مثقال ذرة»، وإنما قال ذلك من غاية إجتهاده، فمن قصَّر أمله