باب شرح اليقين
باب شرح اليقين
  واليقين هو معرفة الله بما نوَّر لعباده من أدلته، وأقام لهم من أعلامه في سماواتته وأرضه، وفي أنفسهم وما يرون من عجائب صنعه، ولطيف تدبيره، وذلك [أن] المؤمنين على قدر منازلهم من العلم والاستدلال على الله، وكذلك منزلة الأنبياء $، فإذا عرفوه بهذه المعرفة أخلصوا العبادة له، لما يعلمون من شدة استحقاقه لها، وقد قال الله تعالى: {فَادعُوا اللَّهَ مُخلِصينَ لَهُ الدّينَ}[غافر: ١٤]، وقال ø: {أَلا لِلَّهِ الدّينُ الخالِصُ}[الزمر: ٣]، أي: العبادة الخالصة، وما يدان له به، وما كان غير ذلك مما يشوبه بشيء فليس بدين له.
  وقال النبي ÷: «إن النور إذا سكن في القلب انفتح له القلب وانشرح»، وهذا هو نور المعرفة واليقين بالله والإخلاص له دون خلقه، فبهذا النور والعلم الذي ميَّز المؤمنون به بين الحق والباطل، وبه علوا كل مبطل، وبه قوي حجة كل محق، وبه دعو إلى الله من أدبر عنه، أو ألحد في صفته، فإذا أقاموا أنفسهم لله هذا المقام في تخلص أنفسهم واستنقاذ عباده من حيرتهم وضلالهم، أمدهم بمعرفته، وعصمهم بطاعته، وأيدهم بتأييده، وحاطهم بكلاتيه، فأزادوا عند ذلك يقينا إلى يقينهم، وتفاضلت أعمالهم، على قدر تفاضلهم في معرفة ربهم واجتهادهم، وكذلك الأنبياء ومن اتبعهم في زمنهم.
  ومثل ذلك ما روي أن رجلا جاء إلى رسول الله ÷ بصرة تِبرٍ فقال له النبي ÷: «أنفق هذه عليك وعلى عيالك».