مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

[معنى {سميع عليم}]

صفحة 25 - الجزء 1

  تباركت أسماؤه، وما كان غير الله تعالى فمحدَث لم يكن [ثم] كان، والله الأول القديم الذي لم يزل ولا يزول، قال الله سبحانه: {إِنّا جَعَلناهُ قُرآنًا عَرَبِيًّا}⁣[الزخرف: ٣]، يريد: أحدثناه وأنزلناه قرآنا عربيا، وكذلك قال سبحانه: {خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنها زَوجَها}⁣[الأعراف: ١٨٩]، وقال سبحانه: {ما يَأتيهِم مِن ذِكرٍ مِن رَبِّهِم مُحدَثٍ}⁣[الأنبياء: ٢]، وقال تبارك وتعالى: {أَو يُحدِثُ لَهُم ذِكرًا}⁣[طه: ١١٣].

[معنى {سَميعٌ عَليمٌ}]

  وقول الله سبحانه وتعالى: {سَميعٌ بَصيرٌ}⁣[الحج: ٦١] يريد بذلك: أنه لا يخفى عليه المسموعات كلها، وأنه عالم بالأشخاص والأشباح، وصفاتها وهيئاتها، وباطنها وظاهرها، لا يخفى عليه شيء من درك الأبصار مما يدرك الأبصار منها كلها، بل دركه لها وعلمه بها أجود وأبلغ من درك الأبصار كلها.

[معنى وجه الله]

  وأما قوله سبحانه: {كُلُّ شَيءٍ هالِكٌ إِلّا وَجهَهُ}⁣[القصص: ٨٨]، وقوله: {وَيَبقى وَجهُ رَبِّكَ ذُو الجَلالِ وَالإِكرامِ}⁣[الرحمن: ٢٧]، فإنما يريد تعالى: أن كل شيء فانٍ هالك إلا هو لا غيره، {وَيَبقى وَجهُ رَبِّكَ}، يريد: يبقى ربك وحده، لا يريد بذلك ولا يعني: وجها في جسد، ولا جسدا ذا وجه، تعالى الله عن هذه الصفات، التي هي في المخلوقين موجودات!