باب الأمر بالمعروف
  الحكماء، ومستنبطوا العذب من الماء، وحياة العباد، وإنارة البلاد، والأمناء على الدين، والقوام بأمور المسلمين، وهم كما روى وهب بن منبه أنه قال: «أوحى الله إلى داود #: يا داود إنك إن استنقذت سكرانا من سكرته، كتبك عندي جهبذا»، فهؤلاء جهابدة الدين، والنصحاء لله في أنفسهم وفي غيرهم، صابرين محتسبين على ما أصابهم من الأذى والمكروه في جنب الله، كما أخبر الله عنهم وأخبر النبي # بصفتهم وحالهم، فقال جل ثناؤه: {وَكَأَيِّن مِن نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيّونَ كَثيرٌ فَما وَهَنوا لِما أَصابَهُم ...}[آل عمران: ١٤٦] الآية. والربانيون: هم أصحاب الرسل $، فكانوا أشد ما كانوا لله طاعة، ووجلا وخوفا، واستغفارا وإنابة وحذرا، ووجلا من سالف أعمالهم، وما تقدم من دني أفعالهم، وقال جل ثناؤه في صفة لقمان: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأمُر بِالمَعروفِ وَانهَ عَنِ المُنكَرِ ...}[لقمان: ١٧] الآية، ثم أدبه بالتقوى فقال: {وَلا تُصَعِّر خَدَّكَ لِلنّاسِ وَلا تَمشِ فِي الأَرضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُختالٍ فَخورٍ ١٨ وَاقصِد في مَشيِكَ ...}[لقمان: ١٨ - ١٩] الآية، فنبه أن الفاعل لما نهاه عنه يقوم في جهله وقبح ما يكون منه مقام الحمير فيما يكون منها، فهكذا يكون حقيقة الآمر بالمعروف على الحقيقة، إنهم أهل خشية ومنافيه، وحياء وتواضع وطاعة في السر والعلانية، وصبروا على ما نالهم، وأنهم ممن لا تأخذه في الله لومة لائم.
  وقال تميم الداري، وأبو هريرة: عن النبي ÷ أنه قال: «الدين النصيحة، الدين النصيحة، قيل: يا رسول الله لمن؟ قال: لله ولرسوله