باب الأمر بالمعروف
باب الأمر بالمعروف
  وهو أول شعب الجهاد. والأمر بالمعروف حب العبد لكل طاعة وبر وأمر بذلك، وتعليمه لكل من علمه من المريدين، أو سأل عنه من جميع الخلق كلهم أجمعين، على النصح لله بذلك في عباده، وإصلاح بلاده، والإنارة لحججه، والذب عن دينه، والعبارة عن كتابه وسنة نبيه، والنصح للرسول # في أمته، ولأئمة الهدى بعده من ذريته، ولجماعة المسلمين من إخوانه، لأن الأمر بالمعروف فرض على كل مسلم بقسطه، وحظه من القوة والضعف، ومبلغ العلم في الكثرة والقلة، ومخرجه من الجهاد، وهو فرض على كل مسلم. ومخرج الجهاد من القيام لله بأمره في كل موطن، ومخرج القيام لله بأمره في كل موطن من النصح لله في كل حال من الأحوال، المنشطط والمكسل.
  فإذا وصل العبد إلى درجة النصح لله فقد بلغ أعلى درجات المطيعين له، وهي درجة الأنبياء والصديقين من الأئمة من بعد، وذلك فرض على العبد أن يناصح لله في خلقه وعباده وبلاده، فإذا بلغ العبد درجة المناصحة فقد جُعل إماما يقتدى بهدايته، ونورا يضيء في كل ظلام، وشفاء من كل سقام، وجلا لكل حيرة، ومجليا عن كل شبهة، ومفزعا في كل معضلة، وكهفا في كل مُلمة، وعمادا في كل مشكلة، وفارقا عن كل مبهمة، فهذه صفة أهل المناصحة لله، الذين جعلهم أمناء في أرضه، وسفراء إلى خلقه، يعبرون لهم ما أظلم عليهم من نور حكمته، ويكشفون عن حجب خفيات سره، وما استجن به من البرهان في خلقه، وبيَّنه في سماواته وأرضه، وبره وبحره، وما برى وذرأ من عجائب خلقه، وتقديره وحكمته، ويستنبطون على ذلك المحكم من كتابهن والمتجلي من واضح سنة رسوله صلى الله عليه وعلى أهل بيته، والمبين البارز من أدلته، فبهم أنقذ الله أهل العماية من عمايته، وابناش أهل الجراءة من سكرتهم، ونهودهم في بدعهم، فهم ورثة الأنبياء، وزهرة