مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

باب الفرق بين العقل والهوى

صفحة 299 - الجزء 1

  سلطان جائر». وقال أبو ذ رحمة الله عليه: «تركني الحق ومالي من صديق».

  والوجه الثالث من الإنكار هو إنكار القلب، وهو دون الوجوه عند الله، لأنه أضعف الإيمان وهو فرض على أهله، فمن لم ينكر المعصية بقلبه عند من لا حيلة له في غير ذلك، لم يؤد فرض الله في الإيمان شيئا، لأن أضعف الإيمان الإنكار بالقلب، كما قال علي بن أبي طالب #: «وذلك أضعف الإيمان، فإن عدم إنكار القلب نكس القلب وجعل أعلاه أسفله، فحينئذ لا يعرف معروفا، ولا ينكر منكرا».

  قال أبو سعيد الخدري: عن النبي #: «فمن لم يستطع باللسان فبالقلب، وذلك أضعف الإيمان»، وإنما جعل الله تبارك وتعالى ذلك للضعفاء من الخلق، الذين قال الله فيهم: {إِلَّا المُستَضعَفينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ}⁣[النساء: ٩٨]، وبقوله: {لَيسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى المَرضى وَلا عَلَى الَّذينَ لا يَجِدونَ ما يُنفِقونَ ...}⁣[التوبة: ٩١] الآية، فلم يرخص الإنكار بالقلب وحده دون النصيحة.

  وقال ابن مسعود: سمعت من النبي ÷ حديثا ما يسرني به حمر النعم، سمعته يقول: «بحسب امرئ رأى منكرا لا يستطيع له غير أن يعلمه الله من قلبه أنه له كاره». فهذا ما يكون في الإنكار للمعصية أن ينكرها بالقلب، إذا كان ضعيفا لا يقدر على غيره وهو أضعف