مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

باب الفرق بين العقل والهوى

صفحة 306 - الجزء 1

  فهذا ما امتحن الله به أهل القيام له بأمره، حتى أورثهم ذلك الصدق في جميع المواطن، لما آثروا من طاعة الله، وتجرعوا من الصبر في ذات الله. فإذا قام العبد بدرجة الصدق في المواطن، كان على معنيين:

  إما أن يرجع بأفضل الجهاد والسلامة.

  وإما أن يحكم الله له بأفضل الجهاد والشهادة، كما روى أبو سعيد الخدري عن النبي ÷: «إن أفضل الجهاد عند الله رجل تكلم بكلمة حق عند سلطان فقتله عليها»، هذه صفة أهل القيل في الله بالصدق في مواطن الامتحان، الذين لا تأخذهم في الله لومة لائم، فإذا كانوا كذلك فقد قضوا لله ما يجب عليهم عند ذلك.

  وروى أبو سعيد الخدري قال خرج مروان بن الحكم في إمارته في يوم عيد إلى المصلى، فبدأ بالخطبة قبل الصلاة، فقال له رجل: أما أنت فقد خالفت حكم رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم، يقول: «المعروف باليد واللسان، فمن لم يستطع [باليد] فباللسان، فإن لم يستطع باللسان فبالقلب وذلك أضعف الإيمان». وقال المقداد بن الأسود: «ورجل يثني على عامل لعثمان بن عفان عنده، فجعل المقداد يحثوا في وجهه التراب، فقال الزبير بن العوام: