باب الفرق بين العقل والهوى
  سمع النداء من هذا الظالم قبل تغلُّبِه على الدار، فبان لهم فيه بهذا أن الصلاة لم تجب بالنداء للنداء، وإنما تجب بما أجمعوا عليه: من مصر وإمام عادل وجماعة من المسلمين ووقت، أولا فلا جمعة بلا جماعة، وإنما تجب الصلاة أربع ركعات كما أوجبوا على من سمع نداء هذا الظالم قبل تغلُّبِه على الدار وأهلها، فهذا مع ما يدخل الباغي من الضرر على الدين وأهله، وكثرة ما يظهر فيه منهم ممن يبغي عليهم، فيحتير ضعيفهم ويشككهم في صحته، فبلاؤهم على أهله ومضرتهم عليه تكاد أن تكون أكثر من بلاء كل عدو له، لأنه نهض بالإسلام من مأمنه، وهدَّه من قواعده، أشغل أهله بغير دينه، وسب جميع الناصرين له والقائمين بحفظه وحياطته، فوجب على أهل التقوى والمحامين عن دين ربهم، والقائمين له بقسطه لعنه، والبراءة منهم والعدواة لهم، والإرصاد والإنتهاز لغرتهم، والتربص بهم الدوائر، عسى الله أن يمنحهم أكتافهم، ويفرق على أيديهم جموعهم، ويكبت عدوهم، وينصر وليهم بسببهم وعلى أيديهم، فهم والله لذلك مجزيون، وإلى الله بتبشيره راغبون، وعليهم مُجلِبُون، ولأعدائه مباينون وإلى دينه داعون، وعلى أعدائه متعاونون، ولا يعتريهم في ذلك سئامة، ولا تلحقهم فيه فترة، لعلمهم بعظيم موقع ذلك من المنفعة للإسلام وأهله، لا تأخذهم في الله لومه لائم، مع ما قد أكد لهم ذلك من الروايات عن نبيهم ÷ وفعل أئمتهم، كمن فعل ذلك بعد النبي ÷ في قتال أهل الصلاة، الذين منعوا الزكاة، قالوا: نحن نفرقها، فقال لهم: لو منعوني عقالا مما كانوا يعطونه رسول الله ÷ لقاتلتهم، فقال