باب الفرق بين العقل والهوى
  منعها القيام الإمام فلا إمام اليوم وإذ ذاك قائم في حكم الله، لو لا منع البغاة وأعوانهما العتاة من إقامته، ولكن هذه الفرقة من النابتة وأصحاب الحديث ليس معها علم بما تقول، ولا يوقف منها على عقد محصول.
  فإن قال منهم قائل: أو ليس قد قال الله: {يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِذا نودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَومِ الجُمُعَةِ فَاسعَوا إِلى ذِكرِ اللَّهِ}[الجمعة: ٩]، فقد أوجب الله السعي؟! فقيل لهم: إن الله قد أوجب السعي إلى ذكره، ولم يوجب السعي إلى الفرية عليه وعلى أوليائه، لأن البغاة العتاة المبتزين لأمره إذا قالوا: اللهم أصلح عبدك وخليفتك كذبوا على الله وافتروا عليه، لأن خلفاءه الهداة المهتدون من عباده، كما قال لخليله صلى الله عليه: {إِنّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِمامًا قالَ وَمِن ذُرِّيَّتي قالَ لا يَنالُ عَهدِي الظّالِمينَ}[البقرة: ١٢٤]، وكذلك إذا دعا الجائرون لهم على أعدائهم، فإنما يدعون لينصروا على أولياء الله من أنبيائه ورسله وملائكته، والمهتدين من أئمته الصالحين من خلقه من الجن والإنس، بأن هؤلاء كلهم أعداؤه المفسدون في أرضه، والمنتهكون لمحارمه، إذ كان الله لهم عدوا، فإذا كان حكم الله المنع من معصية الله، وأقل ما يجب لله على أهل المعرفة به، إن لم يقم له بالنهي عنه مع قلتهم وضعفهم، أن لا يحضر موضع الإعلان بها طائعا غير مكره.
  وتفسير الآية دالة لمن فهم عن الله أنه لا يحل لهم السعي إلى البغاة الظلمة من عباده، لأنها إنما ندبت إلى ذكره لا إلى الصد عن ذكر الله، إنما هو الصلاة، فإذا كان قد حضر الصلاة خلف من يدعو إليها بما قد أجمعوا على عدد من