باب الفرق بين العقل والهوى
  فلما أجمعوا على التسليم وهم لا يجمعون على خطأ، ثم بدا لهم قبلُ قتال الكفار، لعلمه بعظيم حذر ذلك على الإسلام إن فتحه عليهم، وإن كان مَن منع الزكاة يجب قتاله، فكيف بمن لم يَدَعْ منع الزكاة ولا غيرها مما هو أعظم منها إلا أتاه.
  وعلى مثل ذلك وكان حرب علي بن أبي طالب # للناكثين والقاسطين والمارقين، وهم من أهل الصلاة، وليس أحد من أولئك إلا وقد كان أقل معصية لله من معاوية حين ابتز الإمامة من المسلمين، لأنه لم يكن في وقت من الأوقات أعظم إثما منه حين استبد بالأمر دون الفضلاء بالقهر والسيف، ثم تخطئ إلى قتل حجر بن عدي وأصحابه على ليلة من دمشق، فكاتبهم عنده الأمر بالمعروف والنهي عن النكر، وألحق زيادا بأبي سفيان، خلافا على الله وعلى رسوله، في تركه للسنة المشهورة عن رسول الله ÷ «أن الولد للفراش وللعاهر الحجر». فسن قتل الصالحين الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، وسن الفتك بالمؤمنين،