باب الفرق بين العقل والهوى
  واتخاذ عباد الله خولا، وماله دولا، وأعداء الإسلام كسرى وقيصر أولياء، فهو ثابت على تأسيسه إلى يومنا هذا، بل يزداد كل يوم شرا وفسادا، والحق اندراسا واضمحلالا، وعلى أهله شدة ومحنة ووبالا وصغارا، إلى أن يبعث الله أنصاره والذابين عنه، والدافعين عن حريمه، فيمدهم بمعونته عندما يعلم من حسن أنياتهم في إعزاز دينه، ونصر حريمه.
  فمن لم يوجب مع ما شرحنا قتال الفئة الباغية كان رادا على الله وعلى رسوله بما أوجب في كتابه، وأكده الرسول # بقوله: «استقيموا لقريش ما استقاموا لكم، فإن أبوا فخذوا سيوفكم على عواتقكم وأبيدوا خضراءهم»، مع روايات في ذلك كثيرة قد ذكرناها قبل في كتابنا هذا.
  ثم إن قوله إلى الطعن على الصحابة الوافين، كأمير المؤمنين علي بن أبي طالب #، الذي لم يكن يفتر ولا يغفل من قتل أهل البغي دائبا مجتهدا، حتى قال: «ما وجدت إلا قتالهم أو الكفر بما أنزل الله»، ولم يمتنع عليه إلا كل منقوص لا يهتدى به، وكذلك فعل القراء وأصحاب الحديث والعلم في خروجهم عليه وغيره.
  فإن قال القائل بذلك قولا لم يسلم عليه أحد من الأمة، إذ الأمة في ذلك أربعة أصناف، كلهم قد رأى السيف: المرجئة أصحاب أبي حنيفة.
  والشيعة تراه مع أئمتها.
  والمعتزلة.
  والخوارج.