[حب الله شكر لنعمه]
  من أن تعدى وتحصى. قال الله سبحانه: {وَإِن تَعُدّوا نِعمَتَ اللَّهِ لا تُحصوها إِنَّ الإِنسانَ لَظَلومٌ كَفّارٌ}[إبراهيم: ٣٤]، وقال: {يَا أَيُّهَا الإِنسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الكَريمِ ٦ الَّذي خَلَقَكَ فَسَوّاكَ فَعَدَلَكَ ٧ في أَيِّ صورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ ٨}[الانفطار: ٦ - ٨]، وقال جل وتقدس: {قُتِلَ الإِنسانُ ما أَكفَرَهُ ١٧ مِن أَيِّ شَيءٍ خَلَقَهُ ١٨ مِن نُطفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ١٩ ثُمَّ السَّبيلَ يَسَّرَهُ ٢٠ ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقبَرَهُ ٢١ ثُمَّ إِذا شاءَ أَنشَرَهُ ٢٢ كَلّا لَمّا يَقضِ ما أَمَرَهُ ٢٣}[عبس: ١٧ - ٢٣]، فذكر نعمةَ صنعِ العظام الأولى التي أبتدأ بها الإنسان، طَولاً منه وامتنانا وتفضلا، من خلقه له وصنعه إياه، ثم ثنى بذكر النعمة في طعامه الذي به غذاؤه، ومنه مادته وبدا إدامته وإبقاؤه، فقال تبارك وتعالى: {فَليَنظُرِ الإِنسانُ إِلى طَعامِهِ ٢٤ أَنّا صَبَبنَا الماءَ صَبًّا ٢٥ ثُمَّ شَقَقنَا الأَرضَ شَقًّا ٢٦ فَأَنبَتنا فيها حَبًّا ٢٧ وَعِنَبًا وَقَضبًا ٢٨ وَزَيتونًا وَنَخلًا ٢٩ وَحَدائِقَ غُلبًا ٣٠ وَفاكِهَةً وَأَبًّا ٣١ مَتاعًا لَكُم وَلِأَنعامِكُم ٣٢}[عبس: ٢٤ - ٣٢]، يعني سبحانه: بُلغةً لكم في الغذاء الذي به دوامكم في هذه الدنيا وبقاؤكم، ومتاعا وبلغة لأنعامكم إذ ما أنزله من السماء فصبه صبا هو الذي أنبت به ما ذكر أنه شق الأرض عنه شقا، من الحب والعنب.
  والحب فهو: الحبوب كلها، المتغذى بها من البر وغيره من الحبوب التي أنبتها للعباد، وكثَّرها وبثها في البلاد، فلم يجعلها للمطيعين دون العاصين، بل منَّ بها على البشر كلهم أجمعين.
  والقضب فهو: القضب المعروف الذي أنبته الله في الأرض كلها، وجعله غذاء ومنفعة لدواب أهلها.
  والزيتون فهو: شجر الزيت الذي به يأتدمون.