[التحذير من الخمر]
[التحذير من الخمر]
  واحذركم يا بني ثم احذركم، وأنذركم يا بني عصمكم الله ثم أنذركم، الخطيئة المحرمة في كتاب الله، وهي باب إذا أدخله إبليسُ العبدَ طرحه دخولُه في كل بلية من مساخط الله، فإنها أم الخطايا، وباب البلايا، الذي يفضي بمن دخله إلى كل شر، ويوقعه في كل فاحشة.
  ومنكر هذه الخطيئة التي حذرتكم فهي ما نهى الله عنه وحرمه من شرب المسكر، فإن الله لم يحرمه إلا لما فيهم من الشرور، وما يحمل عليه ويصير إليه مَن شَرِبَها من قبائح الأمور، فإن الله سبحانه قد بين العلة التي حرمها لها وسماها اسما جامعا، فأفهم سبحانه وأسمع من كان ذا فهم وعقل سامعا، أن العلة التي حرم لها الخمر، هي ما ذكر أنها تحمل عليه ويصير إليه مَن شَرِبَها من قبائح الفعل والمنكر، فقال تعالى: {إِنَّما يُريدُ الشَّيطانُ أَن يوقِعَ بَينَكُمُ العَداوَةَ وَالبَغضاءَ فِي الخَمرِ وَالمَيسِرِ وَيَصُدَّكُم عَن ذِكرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَل أَنتُم مُنتَهونَ}[المائدة: ٩١]، فذكر تبارك وتعالى فِعْلَ الخمر، وما تحمل من شَرِبها من قبائح الأمر، عندما يصير إليه من السكر، وما يوقع سكر الخمر بين مَن سَكِرَ بشربها من العداوة والبغضاء، والنسيان لذكره، وما يصد به السكر مَن سَكِرَ عن الصلاة والذك.
  فزعم مَن فَسَقَ من سفهاء هذه الأمة، ومَن جهل اللسان العربي من هذه العامة، أن الخمر إنما هي ما عمل من العنب، وليس ما قالوا في هذا بمعروف في اللسان عند العرب، إنما الخمر عند العرب في عربي اللسان، وما يفهم عند العرب في البيان، ما خمر بالتعفين حتى أسكر، وقد يخرج اسم الخمر في اللسان أن يكون ما أفسد العقل وخامر، فكل مخامِر للعقل بالاسكار من الأشربة فهو خمر، والمخامرة فهي المخالطة، فما خالط من الأشربة العقل بالاسكار وخامره فهو خمر مخامِر، وكذلك يفعل في المخامرة للعقل كل شراب مسكر، فما