مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

[معاداة الكافرين والفاسقين]

صفحة 35 - الجزء 1

  وقال تبارك وتعالى في صفة المؤمنين: {إِنَّمَا المُؤمِنونَ الَّذينَ آمَنوا بِاللَّهِ وَرَسولِهِ ثُمَّ لَم يَرتابوا وَجاهَدوا بِأَموالِهِم وَأَنفُسِهِم في سَبيلِ اللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الصّادِقونَ}⁣[الحجرات: ١٥]. فقد دخل الصفة كل طاعة، لأن الجهاد في سبيل الله يأتي على كل طاعة، فمن أطاع الله في أداء فرائضه واجتناب محارمه، فهو مجاهد لنفسه في طاعة ربه واتباع أمره، وترك هوى نفسه، فلا جهاد أفضل من مجاهدة النفس لردها عن هواها فيما يرديها، من مجاهدة الشيطان عدو الله فيما يدعوها إليه من ذنوبها ومعاصيها.

[معاداة الكافرين والفاسقين]

  ويلزم المؤمن أن يعادي أعداء الله الكافرين، أين كانوا وحيث كانوا، أحياءهم وأمواتهم، ذكرانهم وإناثهم، ويلزم المؤمن أن يعادي أعداء الله الفاسقين، الذي أقروا بفرائض الله في الدين، ثم فسقوا بالعصيان لله معاندين، وهم العصاة لله المخالفون الجائرون، الذين يسعون في الأرض فسادا، أو أن يتبرأ منهم المؤمن، من كانوا وحيث كانوا، من قريب أو بعيد، لقول الله سبحانه: {لا تَجِدُ قَومًا يُؤمِنونَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ يُوادّونَ مَن حادَّ اللَّهَ وَرَسولَهُ وَلَو كانوا آباءَهُم أَو أَبناءَهُم أَو إِخوانَهُم أَو عَشيرَتَهُم أُولئِكَ كَتَبَ في قُلوبِهِمُ الإيمانَ وَأَيَّدَهُم بِروحٍ مِنهُ وَيُدخِلُهُم جَنّاتٍ تَجري مِن تَحتِهَا الأَنهارُ خالِدينَ فيها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضوا عَنهُ أُولئِكَ حِزبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزبَ اللَّهِ هُمُ المُفلِحونَ}⁣[المجادلة: ٢٢].

  وكل من أتى كبيرة من الكبائر، أو ترك شيئا من أوجب الفرائض على الاستحلال لذلك فهو كافر مَرِيد، حكمه حكم المرتدين، ومن [ترك] ذلك