[معاداة الكافرين والفاسقين]
  اتباعا لهواه وإيثارا لشهوته، كان فاجرا فاسقا، كافرا كفر نعمة لا كفر شكر وجحود، ما أقام على خطيئته، فإن مات عليها غير تائب منها كان من أهل النار خالدا فيها أبدا وبئس المصير.
  وقال الله في تبيين ذلك: {إِنَّ الأَبرارَ لَفي نَعيمٍ ١٣ وَإِنَّ الفُجّارَ لَفي جَحيمٍ ١٤ يَصلَونَها يَومَ الدّينِ ١٥ وَما هُم عَنها بِغائِبينَ ١٦}[الانفطار: ١٣ - ١٦]. ومن لم يغب عن النار فليس بخارج منها، ومن أتى كبيرة من الكبائر فهو فاجر فاسق كافر لنعم الله، يبين ذلك قول الله سبحانه: {وَالَّذينَ يَرمونَ المُحصَناتِ ثُمَّ لَم يَأتوا بِأَربَعَةِ شُهَداءَ فَاجلِدوهُم ثَمانينَ جَلدَةً وَلا تَقبَلوا لَهُم شَهادَةً أَبَدًا وَأُولئِكَ هُمُ الفاسِقونَ}[النور: ٤]. إلا أن يتوب القاذف، فإن الله يقبل التوبة من التائبين، وليس من أتى الكبائر كافرا لنعم الله، ولا نسميهم: كافرين من طريق الشرك بالله، فإذا كان قاذف المحصنة فاسقا ملعونا متعديا، فالزاني بالمحصنة أعظم جرما، والسارق وقاتل النفس بغير الحق وآكل أموال اليتامى ظلما. ومن أتى غير ذلك من كبائر الذنوب أكبر ظلما.
  ويجب على المؤمن أن يجتنب الظالمين والفاسقين والمعونة لهم على فسقهم، والمحآلة لهم على لهوهم ومعاصيهم، وعلى المؤمن [أن] يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، لأن على المؤمن إذا رأى منكرا فقدر على تغييره لم يؤخر تغييره ساعة، لأن الله سبحانه قال للمؤمنين: {وَلتَكُن مِنكُم أُمَّةٌ يَدعونَ إِلَى الخَيرِ وَيَأمُرونَ بِالمَعروفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ}[آل عمران: ١٠٤]. فعلى المؤمن أن ينهى عن المنكر بلسانه، فإن لم ينته صاحب المنكر عنه فَبِيَدِه، فإن لم ينته من يفعل المنكر عن منكره جاهده إن أمكنه ذلك بسيفه، فإن كان ممن لا يقوى على إنكاره إلا بجماعة من المؤمنين، وخاف على نفسه، فعليه