[هجرة السلف الصالح من المدن والقرى]
  بالحزرة في قربها، فيها بنو عبد الله بن الحسن بن الحسن إلى اليوم، وبعضهم قد اتسعوا وحلوا في بوادي ينبع والغور.
  فبنو عمكم بنو عبد الله بن الحسن يا بني منذ نزلوا البادية أكثر قومكم عددا، وأجلدهم جلدا، وأوسعهم منازل وبلدا، وأكثرهم في معايشهم ارتفاقا بالمواشي من الإبل والغنم، فأقربهم لمجاورتهم العرب إلى أخلاق الحرية والكرم، قد دربتهم وخرجتهم البادية وأهلها. فجلدوا واشتدت أبد أنهم في منازلهم إن حضروا وقووا على السفر إذا احتاجوا إلى أن يسافروا، فهان وخف عليهم في السفر سرى الليل، وكبارهم وصغارهم يركبون صعاب الرواحل وصعاب الخيل، رجال ذووا رجلة مخشوشنون، بأدنى اللباس والغذاء مكتفون، قد زال عنهم بسكنى البادية الاسترخاء والتفكك، والوهن والكسل والكسح والتركك، لا يشبهون من ف المدينة وقربها من قومهم في لباس أولئك برقيق الثياب، وقلة صبرهم عن لين الطعام وبارد الشراب، قد زال عنهم في البادية ما لزم أكثر الطالبين بالمدينة من قبيح الألقاب. ولا يعرفون ما يعرف أولئك بالمدينة من اللعب بالحمام، لأن هؤلاء الذين بالمدينة جيرانهم وأخدانهم العرب الأحرار الكرام، ومَن بالمدينة من آل أبي طالب فأخدانهم وجيرانهم المولَّدون من السودان والسفل اللئام، فكل من هؤلاء وأولئك بمن نشأ معه وجاوره مقتد ومتأس فقد ترك مَن بالمدينة من العبيد والسفل من جاورهم وحادثهم من آل أبي طالب بهم في الدناءة والسقوط متشبها، متمثلا بمذاهبهم محتذيا.
  ولآل الحسين بَوَادِي العقيق والعريض.