[الصلاة]
[الصلاة]
  وبعد الاعتقاد منكم يا بني بالإيقان والإيمان، فخذوا أنفسكم بما أمركم به من تطهير الأعضاء والأبدان. فإذا توضأتم فأسبغوا الوضوء، حتى تنظفوا ما أمرتم به من كل عضو. واعلموا أن الوضوء هو التطهر الأصغر، وإن أجلَّ منه في الطهارة والأكبر التطهر والتنظف من كبائر المعاصي. وأن ذلك هو الباب الأكبر، الذي من دخله صار إلى النجاة.
  واعلموا يا بني أن الصلاة إنما وضعت وفرضت لذكر الله تعالى والثناء عليه، والفكرة في جلاله وعظمته وما يقرب إليه، وما أنعم به عليه من عظيم نعمه، وما وعد من كريمِ الثواب في طاعته، وما خوَّفَه به من أليم عقابه عذابه على معصيته، فمن لم يكن هكذا فهو ساه في صلاته.
  وإنما وضعت الصلاة لذكر الله، قال الله سبحانه وتعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكري}[طه: ١٤]، وقال الله ø: {فَوَيلٌ لِلمُصَلّينَ ٤ الَّذينَ هُم عَن صَلاتِهِم ساهونَ ٥}[الماعون: ٤ - ٥]، والسهو عنها فهو السهو عن ذكر الله تعالى فيها، والإقبال بالفكر والقلب عليها.
  فافهموا يا بني - رحمكم الله - قول ربكم ودلالته لعباده وخلقه، على ما في الصلاة والركوع والسجود من رضاه وتعظيم حقه، إذ يقول سبحانه لنبيه وهو يرغبه في الصلاة ويدعوه إليها، ويخبره عن الفضائل في الصلاة وما جعل فيها: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنهى عَنِ الفَحشاءِ وَالمُنكَرِ وَلَذِكرُ اللَّهِ أَكبَرُ}[العنكبوت: ٤٥]، والصلاة - يا بني - فهي السجود والركوع، والقيام والخضوع لله والخشوع، وتمامها وقوامها ونظامها ذكر الله فيها، وإقبال القلب لذكره عليها، ألا ترون كيف يقول الله ø: {وَلَذِكرُ اللَّهِ أَكبَرُ}،