مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

[الصلاة]

صفحة 407 - الجزء 1

  والصلاة فلها موقع كريم عند الله، وهي في جميع الأديان عند أهلها مما يقرب إلى الله تعالى.

  وقد رغب فيها يا بني في مواضع كثيرة من القرءان، وأمر نبيه ÷ من يتبعه من أهل الإيمان، وقال تعالى منبهاً لنبيه وأوليائه لما في الصلاة من المعونة لهم على تفريج غمومهم وكروبهم، مع ما فيها من القربة إليه ورضاه: {وَاستَعينوا بِالصَّبرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبيرَةٌ إِلّا عَلَى الخاشِعينَ}⁣[البقرة: ٤٥]، وكبرها يا بني الذي ذكر الله هاهنا فهو ثقلها على أهل القسوة واللهو الغافلين، فلا تدعوا يا بني الأخذ بحضكم منها، والإستكثار من نوافلها، وقلة الغفلة عنها، فإن فيها الروح والفرج من الغموم، وكيف لا تكون كذلك وإنما أقيمت وتفرغ فيها لذكر الله الكريم، وأي شغل من الأشغال أو عمل من الأعمال أشرف شرفاً وأجل قدراً من عمل يشتغل العبد فيه من الدنيا ودنسها، ويقبل في صلاته على الخضوع لله صامداً لخالقه وربه ذاكراً.

  فهي كما جاء أنه كان في الأذان الأول النداء بها (حي على خير العمل) وهو خير ما أقبل عليه الإنسان وبه اشتغل، قال الله سبحانه الحكيم العليم، وهو يدعو إلى الصلاة والركوع والسجود أبناء خليله ونبيه إسماعيل: {يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اركَعوا وَاسجُدوا وَاعبُدوا رَبَّكُم وَافعَلُوا الخَيرَ لَعَلَّكُم تُفلِحونَ ٧٧ وَجاهِدوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجتَباكُم وَما جَعَلَ عَلَيكُم فِي الدّينِ مِن حَرَجٍ مِلَّةَ أَبيكُم إِبراهيمَ هُوَ سَمّاكُمُ المُسلِمينَ مِن قَبلُ}⁣[الحج: ٧٧ - ٧٨]، فدلهم اختصاصا لحبه سبحانه لأبيهم إبراهيم وإسماعيل على عمل من أعمال البر يحبه ويرضاه سماه عبادة وخيراً وفلاحاً.