مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

[وصيته في الحج]

صفحة 416 - الجزء 1

  فأمر حين أغفله العجب بها والنظر إليها عن تسبيح الله وذكره يوم عرضت عليه ساعة من العشي حتى ذهب وقت تسبيحه برد الخيل عليه آسفا على غفلته بالنظر إليها والعجب بها حتى توارت بالحجاب، يعني: بالشمس، فردت الخيل عليه، فأمر بضرب أعناقها ومسحها بالسوق وعرقبتها، وقال الله سبحانه: {فَطَفِقَ مَسحًا بِالسّوقِ وَالأَعناقِ}⁣[ص: ٣٣]، والمسح: الضرب بالسيف لأعناقها، وسوقها: قطعها بالسيوف أسفاً إذ شغلته عن ذكر الله، لأن ثواب تسبيحة واحدة أكبر وأفضل من الخيل أسفاً على فوات تسبيحه ساعة واحدة.

  وقال الله وهو يثني على المؤمنين والمؤمنات بالذكر له في الأوقات: {وَالذّاكِرينَ اللَّهَ كَثيرًا وَالذّاكِراتِ}⁣[الأحزاب: ٣٥].

  فلا تدعوا - يا بني - تعاهد الذكر لله، والتسبيح بالبكر والعشيات قبل طلوع الشمس وقبل غروبها.

[وصيته في الحج]

  والحج فقد علمتم ما جاء فيه من الثواب، وأنه قيل أن أقل ما للحاج الخالص النية فيه من عظيم ثواب الله، وأنه يخلف عليه نفقته، ويخلف بالحفظ له في أهله ومهمه وولده، حتى يرجع من سفره لحجته، وأن الحجة المبرورة ليس جزاؤها إلا الجنة، وأن الحج والعمرة ينفيان الفقر كما ينفي الكير خبث الحديد، فلا تدعوه ما أمكنكم إن شاء الله تعالى.

[وصيته في الصدقة]

  والصدقة فقد رغب الله فيها ودل عباده المؤمنين عليها، فقال في صفة ما يرضى عن المؤمنين والمؤمنات: {وَالمُتَصَدِّقينَ وَالمُتَصَدِّقاتِ وَالصّائِمينَ