[وصيته في صلة الرحم]
  تزهدوا في صلة الأرحام، فإن ذلك من الإيمان والإسلام، وأخلاق ذوي المروءة والحلم وأفعال الكرام.
  ومن قطع يا بني من ذوي رحمه من قطعه كان قاطعاً مثله وشريك في ظلمه، فمن صبر على غيظ قطيعة ذوي رحم كان عند الله محسناً مأجوراً، ولما أمره الله به من صلة الرحم مؤتمرا مشكورا، وكان الله بعونه معه وله معيناً، لأن الله ø يقول: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذينَ اتَّقَوا وَالَّذينَ هُم مُحسِنونَ}[النحل: ١٢٨]، وقال الله سبحانه وهو يصف المؤمنين، ويخبر عن ما لهم من الثواب والفوز يوم الدين: {وَالَّذينَ يَصِلونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يوصَلَ وَيَخشَونَ رَبَّهُم وَيَخافونَ سوءَ الحِسابِ ٢١ وَالَّذينَ صَبَرُوا ابتِغاءَ وَجهِ رَبِّهِم وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقوا مِمّا رَزَقناهُم سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدرَءونَ بِالحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولئِكَ لَهُم عُقبَى الدّارِ ٢٢ جَنّاتُ عَدنٍ يَدخُلونَها وَمَن صَلَحَ مِن آبائِهِم وَأَزواجِهِم وَذُرِّيّاتِهِم وَالمَلائِكَةُ يَدخُلونَ عَلَيهِم مِن كُلِّ بابٍ ٢٣ سَلامٌ عَلَيكُم بِما صَبَرتُم فَنِعمَ عُقبَى الدّارِ ٢٤}[الرعد: ٢١ - ٢٤]، فبدأ تبارك وتعالى في صفة عباده المؤمنين بالصلة لما أمر الله به أن يوصل، والذي أمر الله به أن يوصل فهو ذو الرحم، والرحم ابتغاء وجهه سبحانه على المكاره، والكظم على الغيظ، والإنفاق سراً وعلانية، وأن يدرؤا بالحسنة السيئة من ذوي الرحم وغيره، فلا يجازوا من أساء بإساءته، ثم أخبر تعالى أن لهم عقبى الدار وهو ثوابه ﷻ للأبرار، فقال: {جَنّاتُ عَدنٍ يَدخُلونَها وَمَن صَلَحَ مِن آبائِهِم وَأَزواجِهِم وَذُرِّيّاتِهِم}. فأخبر أنه لا يلحق بهم مع رضاه عنهم من الآباء والأزواج والذرية إلا من عمل من الصلاح والصالحات مثل عملهم، ثم أخبر عن الذين يقطعون ما أمر الله به أن يوصل وهي صلة الرحم، أن عليهم بقطيعة الرحم والفساد في الأرض اللعنة،