مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

[التوبة من الغيبة ونحوها]

صفحة 44 - الجزء 1

  وإن استدان رجل مالا ينفقه على نفسه وعياله بالقصد كما أمر الله جل ثناؤه، وكان عزم أن يؤديه إذا أيسر وأمكنه، فمات قبل أن يؤديه وليس له مال ولم يترك وفاء، فلا شيء عليه فيما بينه وبين الله ø، ولا بينه وبين صاحب الدين، ويعوض الله صاحب الدين، لأن الله العدل الذي {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}⁣[البقرة: ٢٨٦]، و {مَا آتَاهَا}⁣[الطلاق: ٧]، وقد أمر الله بإنظار المعسر في الدَّين، فقال تعالى: {وَإِن كانَ ذو عُسرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيسَرَةٍ}.

  وإن ادَّان فنسي أن لا دين عليه لأحد، فلا شيء عليه مع النسيان، إذا لم يكن نسيانه ذلك من تشاغله بمعصية، من سكر وغيره من معصية الله ø، وإن أخذ دينا فلم يؤده إلى أصحابه حتى ماتوا، فليؤده إلى ورثتهم، فإن لم يعرف لهم وارثا وانقطعت آثارهم وذكرهم، فليتصدق به على المساكين عن أهله، وقد سلم من الإثم إذا تاب عن حبسه، وقد كان يعقد على أدائه.

  فإن استقرض مالا فأنفقه حيث يحل له أو يحرم عليه، وكان من عزمه ألا يؤديه على أهله فهو فاسق، وتوبته من ذلك الاستغفارُ والندمُ وردُه على أهله، فإن كان معسرا عزم على أدائه إليهم إذا قدر عليه، وأشهد لهم بذلك على نفسه إن أرادوا ذلك منه، وقدر على أدائه، فإن ماتوا ولم يكن لهم ورثة تصدَّق به عنهم على المساكين، وإن كان محتاجا أكل منه بغير سرف، وكان له ضامنا أن يؤديه إذا قدر على أدائه.

  وإن أخذ أموال الناس من طريق الدَّين وكان من شأنه أن لا يقضيه ولا يؤدي وجحد ذلك، ثم مات مصرا على ذلك، فأقام أصحاب الدين على ورثته البينة، أو عرف ذلك الورثة فعليهم أن يؤدوه إلى أهله، والميت من