مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

(ومن سورة الحج)

صفحة 453 - الجزء 1

  يُغتذى به ولا دم، بل هو الذي {يُطعِمُ} - سبحانه كما قال - {وَلا يُطعَمُ}⁣[الأنعام: ١٤].

  ثم أخبر أن التقوى تناله، ونيل التقوى له رضاه بفعلها، وقبوله لها من أهلها، فذلك هو نيلها له، ووصولها إليه.

  وأخبر تبارك وتعالى أنه إنما أحب البُدن والذبائح في الحج وجعلها من شعائره، لما يريد برحمته من نفعها للضعيف في ارتفاقه بلحمها، واستغاثته بما يصير إليه منها، على فقره وعسره، رحمة منه للمساكين والفقراء، وثوابا أعطاه على ما أحب من البُدن الأتقياء.

  قوله ø: {وَلَولا دَفعُ اللَّهِ النّاسَ بَعضَهُم بِبَعضٍ لَهُدِّمَت صَوامِعُ وَبِيَعٌ} الآية.

  قال محمد بن القاسم بن إبراهيم ¥: يخبر الله سبحانه عما وقع بتخليته للناس وتمكينه لهم من الاختيار فيما يفعلون مِن فعل الشر، وما يختارون مِن فعل البر، أن ذلك مما وقع به التبار والتعادي بنيهم، وأن في تضآرهم وتمانعهم دفعا من الله بعضهم من بعض، عن الفساد والإيعاث في الأرض، الذي فيه هدم البِيَع والصلوات، وتخريب المساجد التي يذكر اسم الله فيها بالغدوة والعشيات، فدفاع الله بعضهم ببعض هو المانع لهم من تخريب المساجد والصوامع والبيع والصلوات الذي هو تعطيلها، والتدافع الذي بينهم والتمانع هو الذي به شُغلوا عن هدم البيع والصلوات، والصوامع فهي التي يكون فيها الرهبان، وهي معروفة لمترهبي النصارى في البلدان.

  قوله ø: {وَقَصرٍ مَشيدٍ}.

  قال محمد بن القاسم بن إبراهيم ¥: المشيد العالي المشرف الرفيع المزخرف، فأخبر الله سبحانه عن القصر المشيد الذي كان بسماكيه عامراً،