(ومن سورة الروم)
  قال محمد بن القاسم بن إبراهيم ¥: هذا توقيف من الله للمكذبين، الذين كذَّبوا رسوله صلى الله عليه وآله، فيما جاء به عن الحق من الحق المبين، بما كانوا يسمعون في ذكر النبي ومبعثه من علماء بني إسرائيل قبل بعث الله لنبيه، لأن من كان يجاور قريشاً والعرب باليمن والواد وخيبر ويثرب من علماء بني إسرائيل، كانوا يذكرون من أمر النبي، ويرونه ويجدونه في كتبهم، قبل بعثة النبي، آية وحجة وبينة قوية.
  ثم قال سبحانه في آخر الآية: {كَذلِكَ سَلَكناهُ في قُلوبِ المُجرِمينَ}. يعني - والله أعلم -: ما سلك الله من ذكر نبيه وأخباره ومبعثه، في آذان المشركين وقلوبهم قبل بعثته، حتى وقع ذكر مبعثه بما كان يروي علماء بني إسرائيل لهم، تقديما من الله في الإحتجاج عليهم، ثم أخبرهم أنهم لا يؤمنون حتى يروا العذاب الأليم.
(ومن سورة الروم)
  قوله ø: {الم ١ غُلِبَتِ الرّومُ ٢ في أَدنَى الأَرضِ ...} الآية.
  قال محمد بن القاسم بن إبراهيم ¥: هذا خبر من الله سبحانه عن غلبة كانت للروم غُلِبُوها.
  {في أَدنَى الأَرضِ}. وقد يمكن - والله أعلم - أن تكون الغلبة التي غُلبت الروم ما كان من نصب الراية التي بعث لها رسول الله ÷ الأرض مؤنة من الشام، وهي أدنى الأرض التي كانت تلي أرض الإسلام، في أيام الرسول #.
  لان الله بعد إكرامه يوم مؤتة لجعفر وزيد وعبد الله بن رواحة، بما أكرمهم به من الشهادة نصر راية رسول الله تلك يومئذ وهي في يد خالد بن الوليد فيما ذكروا، فأنهزم الروم وغلبوا، وفرح المؤمنون بنصر الله إذ نصر، فكان هذا غلب الروم والغلب الذي غلبوه، هو والله اعلم غلب المؤمنين في ذلك الروم،