(ومن سورة ص)
  ورؤية النصر الذي أحبوه، ثم رجع الخبر من الله - والله أعلم - بالإضمار في المعنى، واللسان العربي إلى الاختصار للكلام والقصص، والتطويل للمختصر والإيجاز، فقال سبحانه: {وَهُم مِن بَعدِ غَلَبِهِم} يعني - والله أعلم - في هذه المرة {سَيَغلِبونَ} مرة ثانية.
  ثم أخبر من وقت الخبر الثاني بآية عجيبة كانت مخبرة عن علم غيب، عُلِم قبل وقوع الغلب الثاني، بأنها ستكون عليه ثابتة، ثم أخبر الله في قوله: {في بِضعِ سِنينَ}، بما هو أكثر في الدلالة على عجيب الآية واليقين، فكانت البضع سنين مدة ما بين وقعة مؤتة وبين فتح الشام، ففرح المؤمنون بنصر الله في تلك الأيام لنبيه ÷ ولدعوة نبيه، وما أظهر الله من أمر الإسلام بالغلب والقهر لأهل البلدان، من ملوك الروم وفارس بأرض المشرق والعراق، فهذه آية من آيات الرسول في نبوته، إخباره بظهور أصحابه يوم مؤتة على عدوهم من الروم بعد وفاته، وما كان من غلبتهم لهم في ذلك اليوم.
  ثم أخبر عن غلب ثاني ستغلِبُه الروم في بضع سنين، فرأى المؤمنون بعد وفاة رسول الله ÷ حقيقة ما أخبر به وصدقه بأيقن اليقين، وعاينت ذلك منهم العيون أيام فتح الشام وغلبة الروم الثانية كخبر النبي ÷ عن ذلك، إذ لا يخبر # إلا عن الله علام الغيوب، ولا يكون إخباره سبحانه إلا صدقاً وحقاً، ثم أخبر سبحانه أن لله القهر والقوة والقدرة، قبل أن تُغلب الروم وبعد أن غَلَبت.
(ومن سورة ص)
  قوله ø: {بَلِ الَّذينَ كَفَروا في عِزَّةٍ وَشِقاقٍ}.