مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

في حجبة النساء

صفحة 68 - الجزء 1

  وقال: {أَوِ التّابِعينَ غَيرِ أُولِي الإِربَةِ مِنَ الرِّجالِ}⁣[النور: ٣١] هم الذي: لا يشتهون ولا يريدون النساء، قال الله تبارك وتعالى وهو يدل المؤمنات على ما هو أفضل لهن في دينهن، في أدنى استتارهن على رؤوسهن وأشعارهن، {وَأَن يَستَعفِفنَ خَيرٌ لَهُنَّ}⁣[النور: ٦٠]، يعني بالاستعفاف: الاستتار {خَيرٌ لَهُنَّ}⁣[النور: ٦٠] يعني: أفضل في دينهن، وأقرب من رضاء ربهن.

  وينبغي لأزواج المؤمنات من الرجال أن يفتوهن ويحجبوهن عن الإقبال والإدبار، وأن يكون المؤمن يأنف ويتنغص ويغار على زوجته وحُرَمه من بناته وأخواته وقرائبه، فإن الله يحب الغيرة من عبده المؤمن، والغيرة مما يجب على التقي المسلم، وينبغي للمؤمن ألا يهون عليه ولا يجوز لنفسه تبرج ابنته ولا زوجته ولا أخته ولا حرمته، فتتشبه بالكفار والمشركين والمنافقين الملاعين، الذين لا يغارون على حُرَمهم، ولا يبالون في ترك حجاب الحُرَم، وما سخط الله في قلة الغيرة من حرمهم، وإن هذا الباب كبير من أبواب الدين، إن غفلوا عنه كانوا عند الله من الآثمين، غير متأدبين بآداب الله التي أدب بها المؤمنين.

  وينبغي للمؤمن أن يحذر خلوة المملوك من الرجال والأُجَرَاء الذين يستأجرهم لما يستعين به عليه من الأشغال، وليحذر خلوة أحد من هؤلاء بحرمته، فليس يأمن فساد الأجير والمملوك بحرمته، لما بُني عليه الذكر من منازعته إلى الأنثى، وما لا يُؤمن منه من إقدامه وعربه، فقد صح عندي أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله: