[صفات الذات والفعل]
  تكون بالله سبحانه عالما وبما يستحقه، ويفعله عارفا. التغيير والنقصان يلحق بفعله، ولا يلحقه في نفسه وذاته، عز ربنا وجل، فما خطر ببالك، وألمَّ بقلبك، أَنْ كيف هو؟! أو حيث هو؟! وأين هو؟! وما هو؟! وما شابه صفة محدثة من هذه الحروف وغيرها، فاعلم أنه بخلاف ذلك كله، وأنه خالق هذه الحروف وغيرها، ولا يجوز عليه شيء منها، حتى إذا اعتقدت ذلك علما، وسكَنَت إليه نفسك حقا، آمنت به صدقا، علمت حينئذ أنه ø عن كل شأن شأنه، خلاف ما يتوهمه المتوهمون الجاهلون، وأن العارفين به هم الموحدون، وليس كما يتوهمه المتوهمون، أو يظنه المتظنون، عن تشبيه أو غيره، بل لا يُعرف سبحانه إلا بفعله، ولا سبيل إلى معرفته من غير هذه الطريق، ومن عَدَل عن الاستدلال عليه بفعله وترك النظر، كان ظاناً مقلدا، كما قال سبحانه فيما حكى من قولِ مَن تقدم وخلا من الجهلة المقلدين: {إِنّا وَجَدنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنّا عَلى آثارِهِم مُقتَدونَ}[الزخرف: ٢٣]، وما يشاكل ذلك من القرءان كثير، والعلم فواسع غزير، وقصدي أن أجمع لك الأصول وما لا يسع جهله.
  وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: «تفكروا في المخلوق ولا تفكروا في الخالق». واجعل فكرك في صنعه، ليستدل على عجيب فعله، وعظيم قدرته في كل محدَث، ولا تفكر فيه فأنك تَتِيْه وتِهلك نفسك، واستدل باليسير على الكثير تسلم. فهذه جمل تبين لك الصواب، وكل من أيدها من الموحدين المسلمين فهو عالم، وكل من نقصها أو شبهها بصانعها فقد أفسد، فيعلم أنه جاهل لا علم معه، فهذه جمل التوحيد وبالله التوفيق، وهو حسبنا ونعم الوكيل.