مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

باب الأصل الثاني وهو العدل

صفحة 87 - الجزء 1

باب الأصل الثاني وهو العدل

  وهو أن تعتقد أنه عدل لا يجور، ولا يظلم العباد، اقدر على الطاعة وفٍعلها، ومكَّن من ترك المعصية واجتنابها. ثم أمر ونهى من بعد إزاحة العلة لكل من كُلِّف بما أتى، فقال سبحانه: {مَن عَمِلَ صالِحًا فَلِنَفسِهِ وَمَن أَساءَ فَعَلَيها}⁣[فصلت: ٤٦]، وقال: {كُلُّ نَفسٍ بِما كَسَبَت رَهينَةٌ}⁣[المدثر: ٣٨]، وقال: {بَلِ الإِنسانُ عَلى نَفسِهِ بَصيرَةٌ}⁣[القيامة: ١٤]، وقال: {وَأَن لَيسَ لِلإِنسانِ إِلّا ما سَعى ٣٩ وَأَنَّ سَعيَهُ سَوفَ يُرى ٤٠ ثُمَّ يُجزاهُ الجَزاءَ الأَوفى ٤١}⁣[النجم: ٣٩ - ٤١]، وقال: {وَما خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلّا لِيَعبُدونِ}⁣[الذاريات: ٥٦]، وقال: {فَمَن يَعمَل مِثقالَ ذَرَّةٍ خَيرًا يَرَهُ ٧ وَمَن يَعمَل مِثقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ٨}⁣[الزلزلة: ٧ - ٨]، فهذا كلام الله كله في غير موضع من كتابه إلى ما هو أكثر من أن يحصى ما يوضح له العدل سبحانه، وما قبله من التوحيد في القرءان كثير.

  وهذا منتهاك على الطلب له إلى ما في العقول من استقباح القبيح، واستحسان الحسن، فيجب أن تتبع ما قاله الرسول #، ونفاه عن الله الجليل من السفه والظلم، لأنه حكيم في فعله، غني عن ظلم عباده، عزيز حكيم. والعزيز الحكيم ليس بمحتاج إلى دفع ضرورة، ولا إلى اجتلاب منفعة، ولا يفعل ما ليس بمحكم، وتَفَهَّم ذلك وقس عليه، واجعله عَلماً ودليلا تقصد إليه، وبالله التوفيق.