مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

باب معرفة الأنبياء $ وهو الأصل الخامس

صفحة 98 - الجزء 1

باب معرفة الأنبياء $ وهو الأصل الخامس

  اعلم أنه لا سبيل إلى معرفة الأنبياء إلا بمعرفة الدلالة التي تدل عليهم، والدلالة هو ما يُحدثه الله ø على أيديهم من المعجزات التي تخرج عن العادة، ويتحدى بها أهل الصناعة، فيعجز عنهم كل من تجدوه من أهل الرياسة، فإذا أحدث الله ذلك على عبد من عبيده وظهر، كان دلالة على صدقه، وعلى أنه رسول صادق، وكان كل من ظهر على يده معجزة يجب أن يكون نبيا، لأن الله سبحانه لا يظهر معجزاته وعلامته على أيدي الكذابين، إذاً لبطلت الحقائق، ولم يُفرق بين العاقل والجاهل، ولا بين الصادق والكاذب، ولا يجوز أن يظهرها على أيدي الصالحين المؤمنين، وعلى أيدي الأئمة المنتجبين، فيلتبس الأمر ولا يمكن التفرقة. ولكن للصالح البّرَ علامة، والأئمة الصادقين علامة، حتى يكون من يشارك الأنبياء في المعجزات كان نبيا، ومن شارك الأئمة في الصفة التي ذكرتها في باب الإمامة وجب أن يكون إماما، ومن يشارك الأبرار في صفة الصلاح كان صالحا، ومن يشارك الفجار في صفتهم كان فاجرا، ليتميز المحق من المبطل، وإلا لم تقع المعارف ولم يمكن التالف ووقع الإشكال، وادعا كل فريق أنه محق وأن الحق معه، وهذا ما قدمناه والحمد لله.

  ولجهله قالت النصارى: إن لله ولدا، وإن الثلاثة واحد، وإن الواحد ثلاثة، وكذلك كل مشبَّه جاهل، فلا الله عرفوا، ولا النبي عرفوا، ومثال هذا من قال: إن الرُّطب عنب، فلا العنب عرف ولا الرُّطب عرف، فافهم هذا.

  ويجب أن لا يعتبر باختلاف المعجزات في الأوصاف، ولكن يعتبر مشاركتها فيما كانت له معجزا، ألا ترى أنا لا نعتبر خلاف الأنبياء في الصفة والبلدان