مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

باب معرفة الأنبياء $ وهو الأصل الخامس

صفحة 99 - الجزء 1

  والألوان متى اشتركوا في المعنى، كبني آدم وإن اختلفوا فهم آدميون، وكولد أب وإن تفرقوا فالأب يجمعهم والميراث لهم، وكالحنطة والشعير والعنب والخيل والحمير والإبل، وكل حي وجماد، لأن جميع ما خلق الله حيوان وجماد، والحيوان ينقسم قسمين:

  مكلف وغير مكلف.

  فالمكلف: الملائكة والجن والإنس. وما ليس بمكلف فجميع البهائم والطير، خلقها الله للعالمين نعمة عليهم ليعتبروا وينتفعوا بها.

  والجماد قسمين: نامي وهو الخضار كله، وغير نامي مثل الأرض والحجر والمدر والماء، وما لا نمو فيه هو على حال واحدة، وجميع الجماد والحيوان خُلقَ للمكلفين، كما قال تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُم ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الأَرضِ جَميعًا مِنهُ إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِقَومٍ يَتَفَكَّرونَ}⁣[الجاثية: ١٣]، واختلاف هذه الحوادث كلها يدل على صنعة صانعها أنه حكيم، إذ جعلها أضدادا وأمثالا فعُلم بذلك أن الضد والمثل لا يجوز عليه، وكذلك جعل فيها الزيادة والنقصان والحاجة، ولم يجز عليه ما جاز عليها مع اختلاف أوصافها كلها، في أنها محدثة زائدة ناقصة، وما اشترك في الحياة الدنيا فحي وإن اختلف وصفه، وما اشترك في نوع من الأنواع فهو مثله، ولذلك قلنا: إن اختلاف المعجزات في صفاتها لا يمنع من اشتراكها في أنها مخترعة لم تجر بمثلها العادة ليتحدى بها من أظهرها الله على يديه.

  فمن استوت فيه على ما ذكرنا، كان الدلالة على صحة ما قلنا، وبطل اعتراض من عارض.