أصول الأحكام الجامع لأدلة الحلال والحرام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

من كتاب القضاء والأحكام

صفحة 1275 - الجزء 1

  ٢٣٤٩ - خبر: وعن أنس أنه قال: ما علمت أحداً ردّ شهادة العبد. وقال عثمان البتي: تجوز شهادة العبد لغير سيده. وبه قال ابن شبرمة، والأظهر أنه رأي أكثر أهل البيت $ وروي ذلك عن شريح⁣(⁣١).

  وذهب أبو حنيفه وأصحابه والشافعي إلى أن ذلك لا يجوز، والأصل فيه قول الله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ}⁣[البقرة: ٢٨٢] لا خلاف في أن شهادة الأخ لأخيه جائزة إلا ما يحكى عن الأوزاعي والإجماع يحجه. واختلفوا في شهادة الأب لابنه، والابن لأبيه فقال يحيى بن الحسين بجوازها إذا كان عدلاً مرضياً ولا يشترط فيه من العدالة إلا ما يشترط في غيره وهو رأي كثير من أهل البيت $. وحكى ذلك عن عثمان البتي⁣(⁣٢)، واشترط في عدالته أكثر مما اشترط في غيره، وذهب زيد بن علي # وأبو حنيفة، و ش، وأصحابهما إلى أن شهادة الأب لابنه، والابن لأبيه، لا تقبل.

  وجه قولنا: قول الله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَى عَدْلٍ مِنْكُمْ}⁣[الطلاق: ٢](⁣٣) وقول النبي ÷: «شاهداك أو يمينه» فعم ولم يخص، والقياس على الأخ، وقد علمنا أن الإنسان يحب أخاه كما يحب ولده، فإذا زالت عنه الظنة في أنه لا يشهد لولده أو والده كذباً قبلت شهادته، وإذا بقيت الظنة لم تقبل.


(١) أخرجه الإمام المؤيد بالله # في شرح التجريد (خ) وورد الخبر عن أنس أنه قال: «شهادة العبد جائزة إذا كان عدلاً» وروي ذلك عن شريح في البخاري: ٢/ ٩٤١، سنن البيقهي الكبرى: ١٠/ ١٦١.

(٢) والظاهر أنه الليثي.

(٣) ما بين المعقوفين ساقط من النسخة (أ).