من باب الوكالة
  في أن الوكيل ليس له أن يوكل إلا أن يكون الموكل أذن له في ذلك، ولا خلاف في أن للموكل أن يعزل الوكيل متى شاء ذلك. وعلى هذا أنه لا يكون معزولاً حتى يبلغه علم العزل في البيع والشراء وقبض الدين وما جرى مجراه وبه قال أبو حنيفة وأصحابه وهو أحد قولي الشافعي، وبه قال بعض الإمامية، ووجهه أنه بمنزلة أوامر الله تعالى ونواهيه في أن أحكامها تتعلق بنا بأن نعرفها دون وجودها في ذواتها، وما كان لا يتعلق بالوكيل كالنكاح والطلاق والعتق والصلح عن دم العمد فإنه يكون معزولاً متى عزله الموكل وإن لم يبلغه(١) ذلك، وما كان يتعلق بالوكيل كالبيع والشراء والإجارة والإقالة والهبة على العوض(٢) فلا يكون معزولاً حتى يبلغه خبر العزل من الوجه الذي يغلب على ظنه فيه صدقه، ومثله الخبر بالشفعة والهدية والإذن في دخول الدار، ولا خلاف في أنه إذا وكل وكيلين في بيع شيء أو شرائه، وقال لكل واحد منهما قد وكلتك أن لكل واحد منهما أن ينفذ ما وكلا فيه مجتمعين أو منفردين إلا في الطلاق والعتاق فإنه لم يرض بأحدهما دون الآخر، فأما في البيع والشراء ونحو ذلك فإطلاقة القول قد وكلتكما يقتضي أن كل واحد منهما وكيل مجتمعين ومنفردين، وسبيل النكاح والشفعة سبيل البيع والشراء ذكره السيد المؤيد بالله قدس الله روحه في الشرح، والفرق بين الوجهين أن غرض
(١) في (ب): يبلغه علم ذلك، وفي (ج): وإن لم يكن له علم ذلك.
(٢) في (أ، ب): العرض.