من كتاب الصلاة وباب الأذان
  وبما روي عن ابن عباس عن النبي ÷ أنه سئل عن المني يصيب الثوب فقال: «أمطه عنك بإذخرة(١)، إنما هو مخاط أو بصاق»(٢).
  ولا دليل لهم في هذين الخبرين؛ لأن قوله إذا كان رطباً فاغسليه، يدل على أنه ÷ أمرها أن تحته إذا كان يابساً مع الغسل؛ لأنه قد كان رطباً قبل كونه يابساً، ولا يعلق بالثوب إلا لرطوبته. وأما قوله: «أمطه عنك بأذخرة». يدل على أنه لا يماط بالأذخر إلا مع الماء، لأن الأذخرة الواحدة لا تميطه، وقوله: «إنما هو مخاط أو بصاق» أراد في لزوجته ولصوقه بالثوب.
  وأما ما استدلوا به من الحديث المروي عن عائشة: أنها أضافت رجلا فأعطته قطيفة فاجتنب فيها، فغسلها ثم ردها عليها، فقالت: أفسدت علينا ثوبنا، لقد كنت أفرك المني من رسول الله ÷ لا أزيد على ذلك(٣).
  فإن هذا محمول عندنا على وجهين: أحدهما، أن تكون أنكرت غسل القطيفة كلها وترك الاقتصار على غسل موضع المني منها، وقولها: لا أزيد على ذلك. يدل على هذا التأويل.
  والوجه الثاني: أن القطيفة كانت للنوم لا للصلاة، وقولها: كنت أفركه من رسول الله ÷، أرادت من ثوبه الجاري مجرى القطيفة.
(١) الإذخر: الحشيش الأخضر، وحشيش طيب الريح - تمت قاموس.
(٢) شرح التجريد (خ) للإمام المؤيد بالله #، سنن البيهقي الكبرى: ٢/ ٤١٨، مسند الشافعي: ١/ ٣٤٥، مصنف ابن أبي شيبة: ١/ ٨٣.
(٣) شرح التجريد (خ) للإمام المؤيد بالله #، شرح معاني الآثار: ١/ ٤٨، مسند أبي عوانة: ١ - ١/ ١٧٥.