من كتاب البيوع
  قلنا: لا ننكر هذا إذا لم تكن حاجة داعية إلى بيعه؛ لأنه قد ورد ما خص بيعه من الحاجة، وهذا الخبر هو حجتنا على الشافعي ومن قال مثل قوله.
  وإن قيل: روي عن أبي جعفر أنه قال: «إنما باع رسول الله ÷ خدمة المدبر».
  قلنا: يجوز أن يكون باع خدمة المدبر مرة وباع المدبر نفسه مرة أخرى، ولا خلاف بيننا وبين أبي حنيفة في أن من قال لعبده: أنت حر إن مت من مرضي هذا، أن له أن يبيعه إن اضطر إلى بيعه، فكذلك من قال لعبده: أنت حر إن مت.
  وقول النبي ÷: «المدبر لا يباع ولا يشترى وهو من الثلث».
  يدل على أنه يشبه الوصية، ولما(١) كان عتق أم الولد من جميع المال كان حالها أقوى من حاله في العتق، ولم يجز بيعها من ضرورة، ألا ترى أن الوصية لما كانت أضعف حالاً من الدين نفذت من الثلث ونفذ الدين من جميع المال، وحال المدبر أقوى من حال الموصى بعتقه؛ لأنه يفتقر إلى إعتاق الوصي بعد الموت، فلما كانت حاله أقوى من حال الموصى بعتقه لم يجز بيعه إلا من ضرورة وجاز بيع الموصى بعتقه من غير ضرورة، والموصى بعتقه يمنع الدينُ من تنفيذ عتقه، والمدبر يعتق مع السعي بعد الموت، فوجب أن يكون حاله في حال حياته متوسطاً بين أم
(١) في (أ): فلما.