أصول الأحكام الجامع لأدلة الحلال والحرام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

من باب المزارعة

صفحة 948 - الجزء 1

  ١٨٥٢ - خبر: وعن رافع بن خديج، قال: مرّ بي رسول الله ÷ وأنا أزرع من البقول، فقال: «ما هذا؟» فقلت: بذري ولي الشطر، فقال: «أربيت⁣(⁣١)، رد الأرض إلى أهلها».

  دلت هذه الأخبار على فساد المزارعة بجزء مما يخرج من الزرع، وكذلك المساقاة، وبه قال أبو حنيفة، وقال زيد بن علي #: تصح المزارعة على جزء من الخارج من الأرض، وبه قال الناصر # وروته الإمامية عن جعفر بن محمد @، وإليه ذهب أبو يوسف، ومحمد، وقول الشافعي مثل قولنا، إلا فيما كان من الأرض في أثناء التحيل.

  ووجه قولنا: ما تقدم، وما روى زيد بن علي # عن علي # قال: قال رسول الله ÷: «من استأجر أجيراً فليعلمه أجره، فإن شاء رضي، وإن شاء تركه»⁣(⁣٢)، والزارع⁣(⁣٣) أجير، وكذلك المساقي، فوجب أن تكون الأجرة معلومة.

  فإن قيل: «إن النبي ÷ أعطى خيبر بالنصف من الخارج».

  قلنا: هذا يحتمل أحد وجهين، وهو أن يكون النبي ÷ أبقاهم على حكم الفيء فكانوا عبيداً للمسلمين، فأبقى النصف نفقات لهم، ويحتمل أيضاً أن يكون جعلهم ذممة⁣(⁣٤)، وأقرهم على الأرضين، وجعل نصف الخارج بمنزلة الجزية، وقد يجوز في الجزية من الجهالات ما لا يجوز


(١) في (أ، ب، ج): أربيت كما أثبته، وفي الأصل: أذنبت.

(٢) مجموع الإمام زيد بن علي #: ٢٨٦.

(٣) والمزارع في (أ) و (ج).

(٤) في (أ)، (ج): ذمة، وفي (ب): أهل ذمة.