من كتاب الإجارات وما يصح منها وما يفسد
  دل على أنه يجوز في الجزية من الجهالة ما لا يجوز في غيرها من الإجارات، ولا خلاف بين المسلمين في أنه لا يجوز دفع الغنم والإبل والرماك(١) إلى الراعي بجزء من النماء، والعلة في ذلك جهالة الإجارة(٢)، فكذلك ما يخرج من الأرض، وذهب الشافعي إلى جواز المساقاة والمزارعة بجزء مما تخرج الأرض في الأرض التي بين النخيل، فأما الأرض البيضاء فلا يجوز، والحجة عليه القياس على الأرض البيضاء وما تقدم.
  فإن قيل: فهلاّ قستموها على المضاربة؟
  قلنا: المضاربة من باب الشركة وليست من باب الإجارات، ألا ترى أنها تجوز بغير توقيت، ولا خلاف في ذلك فلم نقسها بالإجارات، ونقول لمحمد وأبي يوسف والشافعي في أحد قوليه: لو كانت المضاربة إجارة لوجب أن يضمن المضارب مال المضاربة إذا تلف بغير جناية إذ صار أجيراً مشتركاً، فصح أن المضاربة الصحيحة ليست إجارة، وأن المزارعة والمساقاة بجزء مما يخرج من الأرض(٣) لا يصح، فإن فعل ذلك
= يخرج لهم قس، ولا يفتنوا عن دينهم، ما لم يحدثوا حدثاً أو يأكلوا الربا، قال إسماعيل: فقد أكلوا الربا، قال أبو داود: إذا نقضوا بعض ما اشترط عليهم فقد أحدثوا في: الأحاديث المختارة: ٩/ ٥٠٩، سنن البيهقي الكبرى: ٩/ ١٩٥، سنن أبي داود: ٣/ ١٦٧.
(١) الرمكة: بفتحتين، الأنثى من البراذين، وجمعها رماك، ورمكات، وأرماك، مثل: ثمار، وأثمار - مختار الصحاح: ٢٥٧.
(٢) في (أ، ب، ج): الأجرة.
(٣) في (أ): تخرج الأرض.