أصول الأحكام الجامع لأدلة الحلال والحرام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

من باب كفارة اليمين

صفحة 1053 - الجزء 1

من باب كفارة اليمين

  ١٩٦٥ - خبر: وعن النبي ÷ أنه قال: «أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم وأردَّها في فقرائكم»⁣(⁣١).

  دلَّ على أنَّ الكفارة لا توضع إلا في فقراء المسلمين دون غيرهم، وهو قول زيد بن علي، وبه قال الشافعي، وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أنه يجوز أن تدفع كفارة اليمين إلى فقراء أهل الذمة والدليل على صحة ما ذهبنا إليه قول الله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ}⁣[التوبة: ٦٠]. ولا خلاف أن المراد بهذه الآية فقراء المسلمين ومساكينهم.

  فإن قيل: فقد قال الله تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً}⁣[الإنسان: ٨] والأسير كافر بالإجماع.

  قلنا: المراد به صدقة التطوع؛ إذ لا خلاف أن الصدقة الواجبة لا يجزي دفعها إلى الحربي، والأسير حربي بالاتفاق.

  فإن قيل: روي أن الناس تجنبوا دفع الصدقة إلى غير أهل دينهم، فأنزل الله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ}⁣[البقرة: ٢٧٢] وقال النبي ÷: «تصدقوا


(١) أخرجه الإمام المؤيد بالله # في شرح التجريد (خ) وفي التمهيد لابن عبد البر: ١٤/ ٢٦٣، ١٦/ ١٩٤، شرح الزرقاني: ٢/ ١٤٢.